525
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

المجهولة للمرض ، وإن كان إثباتها يحتاج إلى دليل .
إنّ الرّوايات تثبت وجود أسباب مجهولة للأمراض إلى جانب الأسباب المادّيّة وذلك في سياق تأييدها لهذه الأسباب وتأكيدها إمكانَ الوقاية من بعض الأمراض عن طريق مكافحة أسبابها ، وهذه الأسباب في الحقيقة هي الحكمة من الأمراض في نظام الوجود و هي عبارة عن :

1 . التَّربية

إنّ أهمّ حكمة للمرض هي دوره التربويّ البنّاء في حياة الإنسان ، فقد رُوي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال في هذا المجال :
المَرَضُ سَوطُ اللّهِ في الأَرضِ يُؤَدِّبُ بِهِ عِبادَهُ .۱
علما بأنّ أهمّ دوافع المرض هو اختبار الإنسان وفلسفة الاختبارات الإلهيّة تربية الإنسان وتنمية قابليّاته الكامنة وتفتّحها .
إنّ حكمة المرض ليست وحدَها اختبارا إلهيّا بل الاختبار فلسفة الصحّة أيضا ، أي : لكلٍّ من الصحّة والمرض آثاره التربويّة الإيجابيّة ، وكلٌّ منهما ضروريّ لتكامل الإنسان .

1/1 . تزكية النفس

يتمثّل الدور التربويّ للمرض على الخاطئين في تمزيق حجب الغفلة ، وتبصيرهم ، وتزكية نفوسهم من الأدناس والأرجاس ، كما قال أميرالمؤمنين عليه السلام :
إذَا ابتَلَى اللّهُ عَبدا أسقَطَ عَنهُ مِنَ الذُّنوبِ بِقَدرِ عِلَّتِهِ . ۲

1/2 . تكامل الإنسان

أمّا مرض الأبرار المتّقين ، فإنّه يرفع درجتهم ويبعث على تكاملهم ، كما نُقل عن النبيّ صلى الله عليه و آله قوله :
إنَّ الرَّجُلَ لَيَكونُ لَهُ الدَّرَجَةُ عِندَ اللّهِ ، لا يَبلُغُها بِعَمَلِهِ حَتّى يُبتَلى بِبَلاءٍ في جِسمِهِ ، فَيَبلُغُها بِذلِكَ . ۳

2 . العقوبة

نلاحظ في نظام الوجود الحكيم أنّ المرض بالنسبة إلى الّذين لم يُفسدوا الأرضية التّربويّة في نفوسهم ـ كما وضّحنا ـ يؤدّي إلى إزاحة حجاب الغفلة ، ويفضي إلى التبصير والبناء ، أمّا الذين بلغ عندهم الدَنَس الروحي مبلغا تأنف فيه أنفسهم الإصلاح ، فإنّ المرض يعدّ نوعا من العقوبة الإلهيّة لهم .
وقال الإمام الرضا عليه السلام في دور المرض بالنسبة إلى الذين لهم قابليّة الاستفادة منه أو ليس لهم ذلك :
المَرَضُ لِلمُؤمِنِ تَطهيرٌ ورَحمَةٌ ، ولِلكافِرِ تَعذيبٌ ولَعنَةٌ .۴

1.كنز العمّال : ج ۳ ص ۳۰۶ ح ۶۶۸۰ .

2.دعائم الإسلام : ج ۱ ص ۲۱۸ .

3.الدعوات : ص ۱۷۲ ح ۴۸۳ .

4.ثواب الأعمال : ص ۲۲۹ ح ۱ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
524

الباب الثّالث : المرض

الفصل الأوّل : منافع المرض

1 / 1 . التَّأدِيبُ

۳۴۲۹.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :المَرَضُ سَوطُ اللّهِ فِي الأَرضِ يُؤَدِّبُ بِهِ عِبادَهُ . ۱

۳۴۳۰.عنه صلى الله عليه و آله :لَولا ثَلاثٌ فِي ابنِ آدَمَ ما طَأطَأَ رَأسَهُ شَيءٌ : المَرَضُ ، وَالفَقرُ ، وَالمَوتُ ، كُلُّهُم فيهِ ، وإنَّهُ مَعَهُنَّ لَوَثّابٌ ! ۲

1 / 2 . الكَفّارَةُ

۳۴۳۱.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :ساعاتُ الوَجَعِ ، يُذهِبنَ ساعاتِ الخَطايا . ۳

۳۴۳۲.عنه صلى الله عليه و آله :إنَّ العَبدَ لَيُصيبُهُ مِنَ المَصائِبِ ، حَتّى يَمشِيَ عَلَى الأَرضِ وما عَلَيهِ خَطيئَةٌ . ۴

۳۴۳۳.عنه صلى الله عليه و آله :إنَّما مَثَلُ المَريضِ إذا بَرَأَ وصَحَّ، كَالبَردَةِ تَقَعُ مِنَ السَّماءِ في صَفائِها ولَونِها . ۵

1 / 3 . الكَرامَةُ

۳۴۳۴.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ الرَّجُلَ لَيَكونُ لَهُ الدَّرَجَةُ عِندَاللّهِ لايَبلُغُها بِعَمَلِهِ ؛ حَتّى يُبتَلى بِبَلاءٍ في جِسمِهِ ، فَيَبلُغُها بِذلِكَ . ۶

۳۴۳۵.عنه صلى الله عليه و آله :الأَمراضُ هَدايا مِنَ اللّهِ عز و جللِلعَبدِ،فَأَحَبُّ العِبادِ إلَى اللّهِ أكثَرُهُم هَدِيَّةً . ۷

كلام حول حكمة الأمراض

تنظر الروايات إلى المرض على أنّه سجن الجسد ، وأحد البلايا الشديدة ، من جهة اُخرى ، الناس جميعا يُمنَون بهذا السجن ، ويذوقون مرارة بلاء المرض نوعا ما على مرّ حياتهم ، من هنا يواجه الباحث هذه الأسئلة :
ما الحكمة من إيداع سجن المرض في نظام الوجود؟
أليس من الأفضل أن يخلق اللّه تعالى الإنسان بنحوٍ لايصاب فيه ببلاء المرض؟
مبدئيّا ، لماذا يعتلّ الإنسان؟ وهل يمكن العمل لئلّا يبتلى الإنسان بسجن المرض أبدا؟
ونبدأ الإجابة عن هذه الأسئلة بسبب المرض :
لماذا يعتلّ الإنسان؟
إنّ جواب علم الطبّ عن هذا السؤال تبيان للأسباب المادّيّة لأنواع الأمراض ، أي : إمّا سبب المرض وراثيّ وامّا انتقال للجراثيم ، أو التغذية السيّئة وأمثال ذلك ، أمّا النقطة الأصليّة فهي : هل الأسباب المعروفة للمرض في علم الطبّ أسباب تامّة ، أو هناك أسباب مجهولة اُخرى إلى جانبها؟
لاجرم أنّ العقل لا يمكن أن ينكر الأسباب

1.كنز العمّال : ج ۳ ص ۳۰۶ ح ۶۶۸۰.

2.الخصال : ص ۱۱۳ ح ۸۹.

3.الجعفريّات : ص ۲۴۵ .

4.مكارم الأخلاق : ج ۲ ص ۱۷۳ ح ۲۴۳۳ .

5.سنن الترمذي : ج ۴ ص ۴۱۱ ح ۲۰۸۶.

6.الدعوات : ص ۱۷۲ ح ۴۸۳ .

7.الفردوس : ج ۱ ص ۱۲۳ ح ۴۲۲.

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 232732
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي