۱۵.الحسين بن محمّد ، عن معلّى بن محمّد ، عن الوشّاء ، عن أبان بن عثمان ، عن عبداللّه بن سليمان ، قال :سمعتُ أبا جعفر عليه السلام يقول وعنده رجلٌ من أهل البصرة يقال له : «عثمان الأعمى» وهو يقول : إنَّ الحسنَ البصريّ يَزعُمُ أنَّ الذين يكتمونَ العلمَ يُؤذي ريحُ بطونهم أهلَ النار ، فقال أبو جعفر عليه السلام : «فهَلَكَ إذَنْ مؤمنُ آل فرعونَ ، ما زال العلمُ
قوله عليه السلام في حديث عبداللّه بن سليمان بعد قول عثمان الأعمى له : إنّ الحَسَنَ البصريَّ يَزعُمُ أنّ الذين يَكتمونَ العلمَ يُؤذي ريحُ بطونهم أهلَ النار : (فَهَلَكَ إذَنْ مؤمنُ آلِ فرعونَ ، ما زالَ العلمُ مَكتوماً مُنذُ بَعَثَ اللّه ُ نوحاً ، فَليَذهَبِ الحَسَنُ يَميناً وشِمالاً ، فواللّه ِ ما يوجَدُ العلمُ إلاّ هاهنا) .
لمّا كان كلام الحسن البصري مشتملاً على قصور وجهل وعناد من جهات ، تكلّم عليه السلام بما تكلّم :
أحداها : إتيانه بما يدلّ على العموم في حقّ من يكتم العلم بأنّ هذا شأنه ، وكان ينبغي تخصيصه إن كان لكلامه أصل أخذه منه بمن لا يكون له مانع من إظهار العلم من تقيّة ونحوها ، كأن يكون مأموراً بذلك من قِبَلِ اللّه عزّ وجلّ .
الثانية : أنّه كان من أهل العلم الظاهري ، وكان بحيث لا تخفى على أحوال الأئمّة عليهم السلام وأنّهم أهل العلم ، فما ذكره شامل لمن كتم علمه بالنسبة إلى غيره ۱
لأمر إلهيّ اقتضاه ، والحسن البصري كان منحرفاً عنهم عليهم السلام فإنّ كلّ من لم يلتجى ء إليهم ولم يأخذ عنهم ولم يعتقد إمامتهم فهو منحرف عنهم فضلاً عن غيره ، وإن لم يعلم بذلك كان في زمرة أهل الجهل في حقّ من كتم العلم منهم وحقّ من تقدّمهم ممّن كتم العلم ، والإمام عليه السلام أعلم بمواقع الكلام ومقاصده .
وإنّ كلام الحسن البصري كان مشتملاً على مثل ۲ ما ذكر ومحلاًّ لأن يُرَدُّ ، فلا يرد إمكان حمل كلام الحسن البصري على من يكتم العلم في حال لا يجوز له كتمه ، فإنّ ذلك مذموم في الكتاب والسنّة وهم عليهم السلام أمروا بنشر العلم .
ويمكن أن يكون هذا الكلام اخترعه الحسن البصري أو وضعه ، فيرد عليه ما ذكر .
الثالثة : أنّه كأنّه لمّا رأى ذمّ كتم العلم في الكتاب والسنّة حمله على العموم ، ولم يأخذ وجه تأويله عنهم عليهم السلام ليظهروا له من يؤاخذ بالكتم ومن لا يؤاخذ به بل قد يجب عليه .