259
حكم النّبيّ الأعظم ج6

تحقيق حول مراسم البراءة من المشركين

إعلان البراءة من المشركين ـ في رؤية الإمام الخمينيّ رضى الله عنه ـ أحد واجبات الحجّ السّياسيّة . وللتّعرّف على منطلقات هذه النّظريّة وعلى دور أداء هذه الفريضة المهمّة في تحقيق أهداف الإسلام ومقاصده في العالم المعاصر ، ينبغي بحث عدد من النّقاط :

1 ـ معنى الشرك والمشركين

الشّرك ضدّ التّوحيد ، ومعناه الاعتقاد بالقوى الوهميّة . والموحّد هو المنقطع إلى الحقيقة وإلى التّوحيد . والمشرك عابد للوهم ، ومنقاد للقوى الخياليّة والظّنّيّة .
والقوى الوهميّة الّتي يعبدها المشركون على ثلاثة أنواع ، وبتعبير آخر : إنّ الأوثان ـ في عالم الشّرك والمشركين ـ ثلاثة أنواع : وثن النَّفس ، ووثن الجماد ، ووثن القوى الطّاغوتيّة .
وقد تكون القدرة الوهميّة أحيانًا هي النّفس الأمّارة ، كما أشار القرآن الكريم بقوله : «أَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـهَهُ هَوَاهُ»۱ ، وقد تكون أحيانًا الأوثان المتّخذة من الجمادات ، مثل «اللّات» و«هُبَل» اللّذين كانا يُعبدان في الحجاز قبل بعثة النّبيّ صلى الله عليه و آله ، وقد تكون في أحيان اُخرى وثن السّلطات غير المشروعة وحكم الطاغوت . وقد سمّى الإمام الخمينيّ ـ قدّس سرّه ـ القوى الاستكباريّة ب «الأوثان الجديدة» .
الموحّد منقطع إلى الحقيقة وإلى التّوحيد ، وليس عابد ذاته ، ولا عابد جماد ، ولا عابد سلطة . بل الموحّد يرى أنّ اللّه وحده مصدر القدرة ، فيعبده وحده ، ويذعن له بالطّاعة . ولا يرى النّفع والضّرر إلّا بيد اللّه ، فلا يستعين إلّا به ، ولا يخاف غيره ، ولا يركن إلى أيّة قدرة غير قدرة اللّه ، ولا يخشى إلّا اللّه .
ثمّ إنّ المشرك العابد للوهم المطأطئ أمام القدرات الخياليّة ربّما يعبد ذاته ، وربّما يعبد ما صنعه بيده ، وربّما يعبد المتسلّطين على العالم ، وربّما يعبد الثلاثة جميعًا .
هذا ولكنّ الخطر الكبير الّذي يهدّد المجتمعات الموحّدة في هذا اليوم هو الشّرك العمليّ بثالث معانيه ، أي عبادة الأوثان الجديدة والقوى الاستكباريّة والخضوع لها . وغاية البراءة من المشركين مجاهدة هذه القوى الطّاغية المتسلّطة على رقاب المسلمين ، وتحقيق الاستقلال والعزّة والاقتدار لمسلمي العالم .

1.الفرقان : ۴۳ ، وراجع الجاثية : ۲۳ .


حكم النّبيّ الأعظم ج6
258
  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج6
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 161968
الصفحه من 649
طباعه  ارسل الي