361
حكم النّبيّ الأعظم ج2

أساس التّقويم الميلادي والهجري

إنّ تقويم الزمان من أركان الحياة البشريَّة ، وحاجة الحياة الاجتماعيّة إلى التّاريخ من الأهميّة ، بحيث إنّ القرآن الكريم جعل ضمان هذه الحاجة عن طريق الشمس والقمر مِن آيات معرفة اللّه ، وأدلَّة حكمة الخالق ۱ .
ولهذه الأهمّية يمكن الحدس بأنّ المجتمعات الإنسانيّة كان لها منذ فجر التّاريخ محاولات لاحتساب أزمنتها وتواريخها ، ومن الطبيعي أن تكون الحوادث والوقائع التّاريخيّة الهامَّة ، أفضل مبدأ للتّاريخ وأبقاه في المجتمعات البشريّة ، والنصوص التّاريخيّة تؤيِّد ما ذهبنا إليه .
لقد ورد في تاريخ دمشق :
لمّا هبط آدم من الجنّة وانتشر ولده ، أرّخ بنوه من هبوط آدم ، فكان ذلك التّاريخ ، حتّى بعث اللّه تعالى نوحا فأرّخوا حتّى ۲ مبعث نوح ، حتّى كان الغرق فهلك من هلك ممّن كان على وجه الأرض ... فكان التّاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم . فلمّا كثر ولد إسماعيل افترقوا ، فأرَّخ بنو إسحاق من نار إبراهيم إلى مبعث يوسف ، ومن مبعث يوسف إلى مبعث موسى ، ومن مبعث موسى إلى ملك سليمان ، ومن ملك سليمان إلى مبعث عيسى بن مريم ، ومن مبعث عيسى بن مريم إلى مبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وعلى جميع أنبيائه ورسله .
وأرَّخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم إلى بناء البيت ، حتّى بناه إبراهيم وإسماعيل . ثمّ أرَّخ بنو إسماعيل من بنيان البيت حتّى تفرّقت مَعَدُّ ، فكان كلّما خرج قوم من تهامة أرَّخوا مخرجهم ، ومن بقي من تهامة من بني إسماعيل يؤرِّخون خروج مَعَدٍّ ونَهْدٍ وجُهينَةَ ـ من بني زيد ـ من تهامة ، حتّى مات كعب بن لؤي إلى الفيل ، فكان التّاريخ من الفيل حتّى أرَّخ عمر بن الخطّاب من الهجرة، وذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة. ۳
والمسعودي يقول :
لم يزل مَن وَصَفنا من قبائل العرب يؤرِّخون بالاُمور المشهورة : من موت رؤسائهم ، ووقائع وحروب كانت بينهم ، إلى أن جاء اللّه بالإسلام فأجمع المسلمون على التّاريخ من الهجرة . ۴
وهكذا بتطوّر الثقافة والعلم ، انساقت مسيرة كتابة التّاريخ نحو التوحّد والتعميم ، فأضحى التّاريخ الميلاديّ عالميّا ، وغدا التّاريخ الهجريّ في العالم الإسلاميّ رسميّا ، ولا بأس ـ بهذه المناسبة ـ أن نشير باختصار ، إلى اُسس التقاويم : الميلاديّوالهجريّ القمريّ والهجريّ الشمسيّ .

1.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۳ ( معرفة اللّه / القسم الأول : التعرّف على اللّه / الفصل الخامس/ الباب الثاني عشر : خلق الشمس والقمر ) .

2.كذا في المصدر ، والصحيح : «من» .

3.تاريخ دمشق : ج ۱ ص ۳۴ .

4.التنبيه والإشراف : ص ۱۷۸ .


حكم النّبيّ الأعظم ج2
360
  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج2
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 169389
الصفحه من 686
طباعه  ارسل الي