207
حكم النّبي الأعظم ج1

والحكمة الحقيقية . ۱
وكلّ واحدمن أقسام الحكمة ، من هذا المنظار يعتبر بمثابة درجة لمِرقاة راسخة ثابتة يستطيع الإنسان من خلالها العروج إلى قمّة الكمال الإنساني.
وممّا ينبغي معرفته أن الدرجة الاُولى من هذه المِرقاة ـ أعني الحكمة العلمية ـ قد وضع أنبياء اللّه تعالى حجر أساسها، أما الدرجة الثانية منها ـ أعني الحكمة العملية ـ فعلى الإنسان أن يتحمّل أعباءها وبعد الارتقاء إلى هذه الدرجة تبقى الدرجة الأخيرة، وهي الحركة إلى مقام الكمال الإنساني، وتلك هي الحكمة الحقيقية التي تنال بالأسباب التي يهيئها الحقّ تعالى، وفيما يلي توضيح مختصر حول الأنواع الثلاثة من الحكمة :

1 . الحكمة العلمية

المراد من الحكمة العلمية هو مطلق المعارف والعلوم الضرورية للوصول إلى مرتبة الكمال الإنساني، وبعبارة اُخرى إنّ العلوم المتعلّقة بالعقائد والعلوم المتعلّقة بالأخلاق والأعمال كلّها حكمة، ولذلك يقدّم القرآن الكريم ارشادات مختلفة في مجال العقائد والأخلاق والأعمال، ويسميها جميعا حكمة ، يقول تعالى :
«ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ» . 2
وهذا المفهوم من الحكمة أكّده القرآن الكريم في آيات عديدة باعتباره الخطوة الاُولى في فلسفة بعث الأنبياء، منها قوله تعالى :
«لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَـتِهِ

1.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۲ (المعرفة / القسم الخامس : الحكمة / الفصل الأوّل : معنى الحكمة : ح ۱۵۵۳ ، ۱۵۶۰ و ۱۵۶۲ تشير إلى الحكمة العلمية ، و ح ۱۵۵۸ و ۱۵۵۹ تشيران إلى الحكمة العلمية والعملية ، و ح ۱۵۵۲ ، ۱۵۵۵ ـ ۱۵۵۷ تشير إلى الحكمة الحقيقية) .

2.الإسراء : ۳۹ .


حكم النّبي الأعظم ج1
206

إنّ النقطة المهمّة الملفتة للنظر هي أنّ نور العلم وإن كان غير قابل للتعليم والتعلّم لكنّ مقدّماته تحتاج إليهما لا محالة ، وأكبر مهمّات الأنبياء وأوصيائهم وورثتهم ـ العلماء الربّانيّين ـ ۱ هي تعليم مقدّمات هذا العلم .
وجدير بالذّكر إنّ ما جاء في هذا الكتاب من الآداب والأحكام حول التعليم والتعلّم والعالِم ، في الحقيقة تمام الكلام في باب مقدمات تحصيل نور العلم والمعرفة ، ممّا يحتاج إليه للأساتذة وطلّاب العلوم الإسلاميّة حاجة ماسّة ، آملين للأساتذة والطلّاب ، في كافّة الفروع العلميّة ، بنور العلم إذا ما عُنوا بهذه الآداب والأحكام .

الحكمة في القرآن والحديث

تكررت كلمة (الحكمة) في القرآن الكريم عشرين مرة، كما امتدح الحقّ تعالى ذاته المقدّسة بصفة (الحكيم) 91 مرّة .
إنّ التأمّل في موارد استعمال هذه الكلمة في النصوص الإسلامية، يشير إلى أنّ الحكمة من وجهة نظر القرآن والحديث عبارة عن المقدّمات المتقنة والثابتة في المجالات العلمية والعملية والروحية لنيل المقاصد الإنسانية السامية ، وما ورد في الأحاديث الشريفة في تفسير الحكمة انما هو مصداق من مصاديق هذا التعريف الاجمالي .

أقسام الحكمة

بناءً على ما ذكرناه في التعريف الإجمالي المتقدّم، فإنّ الحكمة من وجهة نظر القرآن والحديث تنقسم إلى ثلاثة أنواع: الحكمة العلمية، الحكمة العملية،

1.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۲ (المعرفة / القسم العاشر / الفصل الأوّل : خصائص العلماء / ورثة الأنبياء) .

  • نام منبع :
    حكم النّبي الأعظم ج1
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 220384
الصفحه من 690
طباعه  ارسل الي