417
مكاتيب الأئمّة ج6

وَأَنَا أقولُ : اَلحَمدُ للّهِِ أَفضَلَ ما حَمِدَهُ حامِدُهُ إِلى أَبَدِ الأَبَدِ بِما مَنَّ اللّهُ عَلَيكَ مِن رَحمَتِهِ وَنَجّاكَ مِنَ الهَلَكَةِ وَسَهَّلَ سَبيلَكَ عَلَى العَقَبَةِ ، وَاَيمُ اللّه إِنَّها لَعَقَبَةٌ كَؤُودٌ ، شَدِيدٌ أَمرُها ، صَعبٌ مَسلَكُها ، عَظيمٌ بَلاؤُها ، قَدِيمٌ في الزُّبُرِ الاُولى ذِكرُها .
وَلَقَد كانَت مِنكُم في أيّامِ الماضي عليه السلام إِلى أن مَضى لِسَبيلِهِ وَفي أَيّامي هذِهِ ، أُمُورٌ كُنتُم فيها عِندِي غَيرَ مَحمُودِي الرَّأيِ وَلا مُسَدَّدِي التَّوفيقِ .
فَاعلَم يَقينا يا إِسحاقُ إنَّهُ مَن خَرَجَ مِن هذِهِ الدُّنيا أَعمى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعمى وَأَضَلُّ سَبيلاً ، يا إِسحاقُ لَيسَ تَعمَى الأَبصارُ ، وَلكِن تَعمَى القُلُوبُ الّتي فِي الصُّدُورِ ؛ وَذلِكَ قَولُ اللّهِ في مُحكَمِ كِتابِهِ حِكايَةً عَنِ الظّالِمِ إِذ يَقُولُ : « رَبِّ لِمَ حَشَرْتَني أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرا * قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ اليَوْمَ تُنْسى»۱ .
وَأَيُّ آيَةٍ أعظَمُ مِن حُجَّةِ اللّهِ عَلى خَلقِهِ وَأَمينِهِ في بِلادِهِ وَشَهيدِهِ عَلى عِبادِهِ مِن بَعدِ مَن سَلَفَ مِن آبائِهِ الأَوَّلينَ النَّبِيِّينَ وَآبائِهِ الآخِرينَ الوَصِيِّينَ ، عَلَيهِم أجمَعينَ السَّلامُ وَرَحمَةُ اللّهِ وَبَرَكاتُهُ .
فَأَينَ يُتاهُ بِكُم وَأَينَ تَذهَبُونَ كَالْأنْعامِ عَلى وُجُوهِكُمْ ، عَنِ الحَقِّ تَصدِفُونَ وَبِالباطِلِ تُؤمِنُونَ وَبِنِعمَةِ اللّهِ تَكفُروُنَ ، أَو تَكُونُونَ مِمَّن يُؤمِنُ بِبَعضِ الكِتابِ وَيَكفُرُ بِبَعضٍ ، فَما جَزاءُ مَن يَفعَلُ ذلِكَ مِنكُم وَمِن غَيرِكُم إلّا خِزيٌ فِي الحَيَاةِ الدُّنيا وَطُولُ عَذابٍ في الآخِرَةِ الباقِيَةِ ، وَذلِكَ وَاللّهِ الخِزيُّ العَظيمُ .

وفي علل الشرائع و أُصول الإسلام :

۰.إنَّ اللّهَ بِمَنِّه وَرَحمَتِهِ لَمّا فَرَضَ عَلَيكُمُ الفَرائِضَ ، لَم يَفرِض ذلِكَ عَلَيكُم لِحاجَةٍ

1.. طه : ۱۲۵ ـ ۱۲۶ .


مكاتيب الأئمّة ج6
416

الفَرَائِضِ ، وَهَل تُدخَلُ قَريَةً إِلَا مِن بَابِهَا ، فَلَمَّا مَنَّ عَلَيكُم بِإِقَامَةِ الأَولِيَاءِ بَعدَ نَبِيِّكُم صلى الله عليه و آله قَالَ : « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْاءِسْلامَ دِيناً »۱ ، وَفَرضَ عَلَيكُم لِأَولِيائِهِ حُقُوقاً ، وَأَمَرَكُم بِأَدَائِهَا إِلَيهِم ؛ لِيَحِلَّ لَكُم مَا وَرَاءَ ظُهُورِكُم مِن أَزوَاجِكُم وَأَموَالِكُم وَمَآكِلِكُم وَمَشَارِبِكُم ، وَيُعَرِّفَكُم بِذَلِكَ البَرَكَةَ وَالنَّمَاءَ وَالثَّروَةَ ، لِيَعلَمَ مَن يُطِيعُهُ مِنكُم بِالغَيبِ ، ثُمَّ قَالَ عز و جل : « قُل لَا أَسْـئلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى»۲ .
فَاعلَمُوا إِنَّ مَن يَبخَلُ فَإِنَّمَا يَبخَلُ عَن نَفسِهِ ، إِنَّ اللّهَ هُوَ الغَنِيُّ وَأَنتُمُ الفُقَراءُ إِلَيهِ ، فَاعمَلُوا مِن بَعدِ مَا شِئتُم فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُم وَرسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ ، ثُمَّ تُرَدّونَ إِلَى عَالِمِ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُوَن وَالعَاقِبَةُ لِلمُتَّقِينَ ، وَلَا عُدوَانَ إِلَا عَلَى الظَّالِمِينَ ، سَمِعتُ جَدِّي رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقوُلُ : خُلِقتُ مِن نُورِ اللّهِ عز و جل ، وَخُلِقَ أَهلُ بَيتِي مِن نُورِي ، وَخُلِقَ مُحِبُّوهُم مِن نُورِهِم ، وَسَائِرُ الخَلقِ فِي النَّارِ . ۳

وفي تحف العقول :

۰.سَتَرَنا اللّهُ وَإيّاكَ بِسَترِهِ وَتَولاّكَ في جَميع أُمُورِكَ بِصُنعِهِ ، فَهِمتُ كِتابَكَ يَرحَمُكَ اللّهُ ، وَنَحنُ بِحَمدِ اللّهِ وَنِعمَتِهِ أهلُ بَيتٍ ، نَرِقُّ عَلى أولِيائِنا وَنَسُرُّ بِتَتابُع إِحسانِ اللّهِ إِلَيهِم وفَضلِهِ لَدَيهِم ، وَنَعتَدُّ بِكُلِّ نِعمَةٍ يُنعِمُهَا اللّهُ تَبارَكَ وَتَعالى عَلَيهِم ، فَأَتَمَّ اللّهُ عَلَيكَ يا إِسحاقُ وَعَلى مَن كانَ مِثلَكَ ـ مِمَّن قَد رَحِمَهُ اللّهُ وَبَصَّرَهُ بَصيرَتَكَ ـ نِعمَتَهُ .
وَقَدَّرَ تَمامَ نِعمَتِهِ دُخُولَ الجَنَّةِ ، وَلَيسَ مِن نِعمَةٍ وَإن جَلَّ أمرُها وَعَظُمَ خَطَرُها إِلَا وَ« الحَمدُ للّهِِ» تَقَدَّسَت أسماؤُهُ عَلَيها مُؤَدٍّ شُكرَها .

1.. المائدة : ۳ .

2.. الشورى : ۲۳ .

3.. الأمالي للطوسي : ص ۶۵۴ ح ۱۳۵۵ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج6
    المساعدون :
    الفرجي، مجتبی
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 109776
الصفحه من 453
طباعه  ارسل الي