قالَ : قَد نَزَلَ ما تَرى ، فَما عِندَكَ ؟ 
 قالَ : لَم يَبقَ إلّا حيلَةٌ واحِدَةٌ ؛ أن تَرفَعَ المَصاحِفَ ، فَتَدعُوَهُم إلى ما فيها ، فَتَستَكِفَّهُم ، وتُكَسِّرَ مِن حَدِّهِم ، وتَفُتَّ في أعضادِهِم . 
 قالَ مُعاوِيَةُ : فَشَأنَكَ ! فَرَفَعُوا المَصاحِفَ ، ودَعَوهُم إلَى التَّحَكُّمِ بِما فيها ، وقالوا : نَدعوكُم إلى كِتابِ اللّهِ . 
 فَقالَ عَلِيٌّ : إنَّها مَكيدَةٌ ، ولَيسوا بِأَصحابِ قُرآنٍ . 
 فَاعتَرَضَ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ الكِندِيُّ ـ وقَد كانَ مُعاوِيَةُ استَمالَهُ ، وكَتَبَ إلَيهِ ودَعاهُ إلى نَفسِهِ ـ فَقالَ : قَد دَعَا القَومُ إلَى الحَقِّ ! 
 فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : إنَّهُم إنَّما كادوكُم ، وأرادوا صَرفَكُم عَنهُم . 
 فَقالَ الأَشعَثُ : وَاللّهِ ، لَئِن لَم تُجِبهُمُ انصَرَفتُ عَنكَ . 
 ومالَتِ اليَمانِيَّةُ مَعَ الأَشعَثِ ، فَقالَ الأَشعَثُ : وَاللّهِ ، لَتُجيبَنَّهُم إلى ما دَعَوا إلَيهِ ، أو لَنَدفَعَنَّكَ إلَيهِم بِرُمَّتِكَ . ۱
ج ـ الإِمامُ عليه السلام في حِصارِ أصحابِ الجِباهِ السُّودِ
  ۴۳۲.مروج الذهبـ بَعدَ ذِكرِ رَفعِ المَصاحِفِ ـ: فَلَمّا رَأى كَثيرٌ مِن أهلِ العِراقِ ذلِكَ ، قالوا : نُجيبُ إلى كِتابِ اللّهِ ونُنيبُ إلَيهِ ، وأحَبَّ القَومُ المُوادَعَةَ وقيلَ لِعَلِيٍّ : قَد أعطاكَ مُعاوِيَةُ الحَقَّ ، ودَعاكَ إلى كِتابِ اللّهِ ، فَاقبَل مِنهُ ، وكانَ أشَدَّهُم في ذلِكَ اليَومِ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ ، فَقالَ عَلِيٌّ : 
 أيُّهَا النّاسُ ! إنَّهُ لَم يَزَل مِن أمرِكُم ما اُحِبُّ حَتّى قَرَحَتكُمُ الحَربُ ، وقَد وَاللّهِ أخَذَت مِنكُم وتَرَكَت ، وإنّي كُنتُ بِالأَمسِ أميرا ، فَأَصبَحتُ اليَومَ مَأمورا ، وقَد