129
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

على الدروس والعِبَر . فقد حرص النبيّ صلى الله عليه و آله على أن يستفيد من هذا الحشد الكبير في الإعلان عن «حديث الثقلين» ، وذلك في واحدة من المرّات المتكرّرة التي كان النبيّ قد أعلن فيها هذا الحديث المصيري على الاُمّة .
بشكل عامّ عندما نطلّ على هذه المراسم نجدها شهدت عرض «الثقلين» بوصفهما معاً السبيل إلى هداية الاُمّة ، وفي المشهد ذاته تمّ تحديد مصاديق العترة والإعلان عنها بوضوح ، وفي الذروة الأخيرة من هذا الموسم سجّل المشهد نزول آية «إكمال الدين» وإعلان الولاية ، هذا الإعلان الذي ترافق مع إنذار للنبيّ صلى الله عليه و آله يفيد أنّ عدم إبلاغه ما اُنزل إليه من ربّه يتساوق مع ضياع الرسالة وعدم إبلاغها بالمرّة .
بعبارة اُخرى : كأنّ المشهد يُخبرنا بوقائعه وما حصل فيه ، أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان في الموسم هذا بشأن أن يُلقي على الاُمّة نظرة مستأنفة في جميع محتويات الرسالة ، ويستعيد اُمور هذا الدين ، وقد راح في الأيّام الأخيرة من سفره يركّز على الحجّ والولاية أكثر . لننظر إلى الإمام الباقر عليه السلام وهو يقول : «حَجَّ رَسولُ اللّهِ . . .» .
3 . تنطوي بعض صيغ الحديث ونقوله على نقطة تستثير السؤال وتستحق التأمّل ؛ فقد انطوت بعض نقول الحديث على جملة : «كُلُّهم مِن قُرَيشٍ» ، وهي تدلّ على أنّ جابراً لم يسمع هذه الجملة ، فسأل عنها أباه ، فذكر له أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله قال في تتمّة الحديث : «كُلُّهم مِن قُرَيشٍ» أو «كُلُّهُم مِن بَني هاشِمٍ» .
هذه الصيغ على ثلاثة أضرب ، هي :
أ ـ إنّ جابراً قال فقط : «ثُمَّ قالَ كَلِمَةً لَم أفهَمها» . ۱
أو : «ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَفِيَت عَلَيَّ» ۲ من دون إيضاح علّة خفاء الصوت ، وسبب

1.مسند ابن حنبل : ج۷ ص۴۲۷ ح۲۰۹۷۶ .

2.مسند ابن حنبل : ج۷ ص۴۲۷ ح۲۰۹۷۷ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
128

في «حَجَّة البلاغ» ، بيد أنّ عمليّة دراسة طرق الحديث وتحليل صيغه الروائيّة تدلّ بوضوح أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أدلى بهذا الحديث في مكانين ، هما :

أ ـ مسجد النبي صلى الله عليه و آله

وفاقاً لرواية مسلم وأحمد بن حنبل ، جاء نصّ جابر بالصيغة التالية : «سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَومَ جُمُعَةٍ عَشِيَّةَ رُجِمَ الأَسلَمِيُّ ، يَقولُ : لا يَزالُ الدّينُ» ۱ إلى آخر النصّ . المعلوم أنّ ماغر بن مالك الأسلمي المذكور في النصّ قد تمّ رجمه بالمدينة جزماً ۲ . علاوة على ذلك ثمّة نصوص اُخرى تتحدّث صراحة أنّ الراوي سمع الحديث في مسجد النبيّ صلى الله عليه و آله ، كما في قوله : «جِئتُ مَعَ أبي إلَى المَسجِدِ وَالنَّبِيُّ يَخطُبُ» إلى آخر الحديث ۳ ، حيث يدلّ لفظ «المسجد» في الرواية على المسجد النبوي ظاهراً .

ب ـ حجّة البلاغ

هذه المجموعة من الأخبار مرويّة عن جابر بن سمرة بن جندب أيضاً ، وقد ذكر فيها أ نّه سمع مقالة النبيّ هذه في ذلك الموسم العظيم ۴ (حَجَّة البلاغ أو حَجَّة الوداع) ، وفي الموقف بعرفات . ۵
2 . إنّ استثمار رسول اللّه صلى الله عليه و آله للموسم ، وتوظيفه لاجتماع الاُمّة العظيم في عرفات ؛ لكي يعلن هذه الحقيقة ويصدع بها ، لهو أمر خليق بالاعتبار ، وينطوي

1.صحيح مسلم : ج۳ ص۱۴۵۳ ح۱۰ .

2.راجع : صحيح البخاري : ج۵ ص۲۰۲۰ ح۴۹۶۹ و ۴۹۷۰ .

3.المعجم الكبير : ج۲ ص۱۹۷ ح۱۷۹۹ .

4.راجع : مسند ابن حنبل : ج۷ ص۴۰۵ ح۲۰۸۴۰ و ۲۰۸۴۳ .

5.راجع : مسند ابن حنبل : ج۷ ص۴۱۸ ح۲۰۹۲۲ .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 280728
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي