أبِي الحَسَنِ! فَوَاللّهِ إنَّهُ لَأَحراهُم إن كانَ عَلَيهِم أن يُقيمَهُم عَلى طَريقَةٍ مِنَ الحَقِّ . ۱
وهكذا عيّن عمر جماعة للشورى قوامهم ستّة أشخاص ، وقد انتقد كلَّ واحد منهم بصفة سيّئة فيه ، إلّا عليّا ؛ فقد نسبه إلى المزاح ! ولكنّه أكّد أيضا أنّه أحراهم أن يُقيمهم على سنّة نبيّهم . ۲
وسمّى عمر أعضاء الشورى الَّذين يجب أن يختاروا الخليفة من بينهم ، وهم : عليّ عليه السلام ، وعثمان بن عفان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعبد الرحمن بن عوف .
لم يكن عمر يحمل مشاعر طيّبة تجاه بني هاشم ، ولا تجاه عليّ عليه السلام . وكان أكثر حنكة وذكاءً من أن يسمّي للشورى أشخاصا يختارون عليّا ولو على سبيل الاحتمال . ۳
وقد رسم عمر طريقة عمل الشورى وموازناته؛ فهم يجب أن يجتمعوا في دار تحت مراقبة خمسين رجلاً من الأنصار حتّى يختاروا رجلاً من بينهم ؛ فإن اتّفق خمسة على رجل وأبى واحد يُضرب عنقه ، وإن اتّفق أربعة وأبى اثنان يُضرب عُنقاهما ، فإن رضي ثلاثة منهم رجلاً ، وثلاثة رجلاً ، يجب عندئذ تحكيم عبد اللّه بن عمر ؛ فإن لم يرضوا بحكمه ، يجب قبول خيار الجهة الَّتي فيها عبد الرحمن بن عوف . ۴
كانت المعادلة الَّتي أرادها الخليفة واضحة تماما . وكانت نتيجتها معروفة منذ البداية لكلّ لبيب . ولهذا السبب فقد حثّ ابن عبّاس عليّا على عدم الدخول في
1.المصنّف لعبد الرزّاق : ج۵ ص۴۴۶ ح۹۷۶۱ .
2.المصنّف لعبد الرزّاق : ج۵ ص۴۴۷ ح۹۷۶۲ .
3.كلام عمر مع ابن عبّاس في هذا الصدد له مغزاه . (راجع : تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۲۳) .
4.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۲۹ .