253
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

أبِي الحَسَنِ! فَوَاللّهِ إنَّهُ لَأَحراهُم إن كانَ عَلَيهِم أن يُقيمَهُم عَلى طَريقَةٍ مِنَ الحَقِّ . ۱
وهكذا عيّن عمر جماعة للشورى قوامهم ستّة أشخاص ، وقد انتقد كلَّ واحد منهم بصفة سيّئة فيه ، إلّا عليّا ؛ فقد نسبه إلى المزاح ! ولكنّه أكّد أيضا أنّه أحراهم أن يُقيمهم على سنّة نبيّهم . ۲
وسمّى عمر أعضاء الشورى الَّذين يجب أن يختاروا الخليفة من بينهم ، وهم : عليّ عليه السلام ، وعثمان بن عفان ، وطلحة ، والزبير ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعبد الرحمن بن عوف .
لم يكن عمر يحمل مشاعر طيّبة تجاه بني هاشم ، ولا تجاه عليّ عليه السلام . وكان أكثر حنكة وذكاءً من أن يسمّي للشورى أشخاصا يختارون عليّا ولو على سبيل الاحتمال . ۳
وقد رسم عمر طريقة عمل الشورى وموازناته؛ فهم يجب أن يجتمعوا في دار تحت مراقبة خمسين رجلاً من الأنصار حتّى يختاروا رجلاً من بينهم ؛ فإن اتّفق خمسة على رجل وأبى واحد يُضرب عنقه ، وإن اتّفق أربعة وأبى اثنان يُضرب عُنقاهما ، فإن رضي ثلاثة منهم رجلاً ، وثلاثة رجلاً ، يجب عندئذ تحكيم عبد اللّه بن عمر ؛ فإن لم يرضوا بحكمه ، يجب قبول خيار الجهة الَّتي فيها عبد الرحمن بن عوف . ۴
كانت المعادلة الَّتي أرادها الخليفة واضحة تماما . وكانت نتيجتها معروفة منذ البداية لكلّ لبيب . ولهذا السبب فقد حثّ ابن عبّاس عليّا على عدم الدخول في

1.المصنّف لعبد الرزّاق : ج۵ ص۴۴۶ ح۹۷۶۱ .

2.المصنّف لعبد الرزّاق : ج۵ ص۴۴۷ ح۹۷۶۲ .

3.كلام عمر مع ابن عبّاس في هذا الصدد له مغزاه . (راجع : تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۲۳) .

4.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۲۹ .


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
252

نظرة تحليليّة لوقائع الشّورى

تبلورت وقائع الخلافة بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله على نحو مدهش وملفت للنظر ، وانتهت بحادثة السقيفة واستخلاف أبي بكر ، وادُّعي أنّ خلافته كانت موضع إجماع . ثمّ إنّه نصب عمر خليفةً من بعده ، وهكذا فقد سنَّ سُنّة «الاستخلاف».
وفي الأيّام الأخيرة من حياة عمر ، أخذ يفكّر ـ وهو على فراش الموت ـ بمستقبل الاُمّة الإسلاميّة ، وتدلّ النصوص التاريخيّة بكلّ جلاء على أنّه كان يفكّر أيضا بنوع من الاستخلاف أيضا ، وأنّه ذكر أسماء جماعة وقال لو أنّهم كانوا أحياءً لعهِدَ إليهم أمر الخلافة ؛ منهم : معاذ بن جبل ۱ ، وأبو عبيدة الجرّاح ۲ ، وسالم مولى أبي حذيفة ... . ۳
وعلى كلّ حال ؛ فإنّ عمر كان يفكّر بالشورى؛ ولكن الشورى الَّتي تضمن له تحقيق أهدافه بشكل أو آخر ، على أن لا يُتجاهل فيها أمر عليّ عليه السلام ، على اعتبار أنّ عليّا لا يمكن تجاهله في مثل هذا الأمر ، وهذه الحقيقة لم تكن خافية عن نظر عمر ، ولهذا السبب ؛ فإنّه حينما استدعى أحد الأنصار للتشاور معه في أمر الخلافة ، فعدّد الأنصاري جماعة من المهاجرين ولم يُسَمِّ عليّا ، فقال عمر : فَما لَهُم مِن

1.الطبقات الكبرى : ج۳ ص۵۹۰ .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۲۷ .

3.نفس المصدر .

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 285912
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي