733
منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام

2 . بيان الحقائق التاريخيّة

تتبلور كلّ حادثة في ثنايا التاريخ، وتُنقل على مرّ الدهور، لكن كيف تُنقل ؟ من هم الذين كانوا اُولي الدور المؤثّر في الأحداث ؟ وكيف ظهرت الأحداث ؟ و و و . . . تبلور الإسلام في شبه الجزيرة العربيّة كقضيّة عجيبة ، وأنتج ردود فعل كثيرة ، وفتح طريقه من بين المنعطفات الوعرة والوهاد والنجاد التي لا تُحصى ومضى قُدُما . وكان لعليّ عليه السلام الدور الأكبر فيه .
بَيْد أنّ الذي كان يقال للأجيال السابقة آنذاك ، هل كان كذلك حقّا ؟ ! وحين حدث التغيير في الحكم بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه و آله ، فإنّ هذا التغيير قد استتبع تغييراتٍ كثيرة ، منها وضع لكثير من الشخصيّات، ورفع لكثير غيرها ، ومنها اختلاق لكثير من الشخصيّات ، ومكابرة لكثير غيرها . . . وكان الإمام عليه السلام هو الذي رفع لواء الحقّ في وقت قد كُمّت فيه الأفواه، وقُطعت الألسن، وكُسرت الأقلام . وبيّن عليه السلام حقائق التاريخ كما هي عليه . فمن كان له الدور الأوّل والتأثير الأكبر في هذا التاريخ غير عليٍّ عليه السلام ؟ !

3 . الدفاع عن الحقّ دفاع مظلوم

قلنا إنّ التغييرات السياسيّة تستتبع تغييرات اجتماعيّة وثقافيّة كثيرة، وكان الإمام عليه السلام أكثر الناس ظُلامةً في ظلّ تلك التغييرات ، وقد صبر مهضوما مظلوما لمصلحة الإسلام ـ وقد تحدّثنا عن ذلك في أحد المواضع ـ بَيْد أنّه حاول أن يتحدّث عن هذه الظلامة ، ويحول دون تحريف التاريخ ما استطاع إلى ذلك سبيلاً .
وعندما بلغت التهديدات ذروتها سكت البعض خوفا ، واُلجم البعض الآخر حرصا على الحياة بعدما كثرت مغرياتها ، فمن يتحدّث عن عليٍّ عليه السلام ؟ ومن يُفصح عن «حقّ الخلافة» و«خلافة الحقّ» ؟ وأنكى من ذلك كلّه أنّ حزب الطُّلَقاء استحوذ


منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
732

فيها ـ فهي لا جَرمَ مذمومة ، وأمّا لو كانت ذات مصلحة فهي محمودة لا محالة .
وخلاصة القول : لو ترتّبت عليها مصالح مهمّة ملزمة وكانت تصبّ في اتّجاه إحقاق الحقّ والدفاع عن الحقوق فلا نرتاب في وجوبها ، وإذا صدف عنها الإنسان بذريعة عدم التحدّث عن النفس فذلك مذموم وحرام ، وهو يمهّد لضياع الحقائق والقيم . . . .
ومن هنا فإنّنا حينما نلاحظ كلمات المدح عند الإمام نلمس فيها دفاعاً عن شخصيّة إنسان مظلوم ؛ ألجأه الواجب إلى إماطة اللثام عن حقٍّ ضائع مكتوم ، في ظروف لم يَحُلْ فيها مساعير الفتنة دون قول الحقّ فحسب ، بل تقوّلوا وافتَرَوا وتخرّصوا لتشويه صورة الحقّ . ولقد تحدّث الإمام عليه السلام من أجل قشع الغمائم السوداء عن سماء الحياة الفكريّة للمجتمع ، وإراءة ما كان ، وما جرى على الحقّ ، وإلّا فإنّ حقيقة حياته الصادقة عليه السلام وشخصيّته الرفيعة هما أعظم شأنا من أن يتحدّث عن نفسه، أو أن يُمنى بحبّ الذات ! ويتسنّى لنا أن نحلّل بعض التساؤلات المثارة حول مدح الإمام ذاته، وتحدّثه بفضائله ومعالم عظمته بما يأتي :

1 . امتثال أمر اللّه تعالى في بيان نعمه

كان الإمام أمير المؤمنين عليه السلام يلهج بذكر النعم الإلهيّة ، ويتحدّث بفضل اللّه تعالى عليه، وهو بكلماته البليغة شكور يقدّر النعمة والمنعِم ويثمّنها . ومن أقواله عليه السلام :
«أنَا قاتِلُ الأَقرانِ، ومُجَدِّلُ الشُّجعانِ . أنَا الَّذي فَقَأتُ عَينَ الشِّركِ، وثَلَلتُ عَرشَهُ ؛ غَيرَ مُمتَنٍّ عَلَى اللّهِ بِجِهادي ولامُدِلٍّ ۱
إلَيهِ بِطاعَتي ، ولكِن اُحَدِّثُ بِنِعمَةِ رَبّي ۲ » . ۳

1.مُدِلٌّ: منبسط لا خوف عليه، وهو من الإدلال والدالّة على من لك عنده منزلة (النهاية: ج۲ ص۱۳۱).

2.إشارة إلى الآية ۱۱ من سورة الضحى .

3.شرح نهج البلاغة: ج۲۰ ص۲۹۶.

  • نام منبع :
    منتخب موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام
    المساعدون :
    غلامعلي، مهدي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحديث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1388
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 317281
الصفحه من 987
طباعه  ارسل الي