203
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

الفصل الثالث : اِستِخلافُ يَزيدَ

3 / 1

جُهودُ مُعاوِيَةَ لِاستِخلافِ يَزيدَ

۷۷۸.الفتوح :حَجَّ يَزيدُ في تِلكَ السَّنَةِ [أي سَنَةِ 56 ه] فَفَرَّقَ بِمَكَّةَ وَالمَدينَةِ أموالاً كَثيرَةً يَشتَري بِها قُلوبَ النّاسِ ، ثُمَّ إنَّهُ انصَرَفَ وَالنّاسُ عَنهُ راضونَ . قالَ : وشاعَ الخَبَرُ فِي النّاسِ بِأَنَّ مُعاوِيَةَ يُريدُ أن يَأخُذَ البَيعَةَ لِيَزيدَ ، وكانَ النّاسُ في أمرِ يَزيدَ عَلى فِرقَتَينِ مِن بَينِ راضٍ وساكِتٍ ، أو قائِلٍ مُنكِرٍ . قالَ : فَكانَ عُقَيبَةُ الأَسَدِيُّ شاعِرُ أهلِ البَصرَةِ مِمَّن يَكرَهُ بَيعَةَ يَزيدَ ويُبغِضُهُ ، فَأَنشَأَ في ذلِكَ يَقولُ :
مُعاوِيَ إنَّنا بَشَرٌ فَأسجِح۱فَلَسنا بِالجِبالِ ولَا الحَديدِ
أكَلتُم أرضَنا فَجَرَدتُموهافَهَل مِن قائِمٍ أو مِن حَصيدِ
أتَطمَعُ فِي الخُلودِ إذا هَلَكناولَيسَ لَنا ولا لَكَ مِن خُلودِ
فَهَبها اُمَّةً هَلَكَت ضَياعايَزيدُ يَسوسُها وأبو يَزيدِ
دَعوا حَقَّ الإِمارَةِ وَاستَقيمواوتَأميلَ الأَراذِلِ وَالعَبيدِ
وأعطونَا السَّوِيَّةَ لا تَزِركُمجُنودٌ مُردِفاتٌ بِالجُنودِ
قالَ : فَبَلَغَ ذلِكَ مُعاوِيَةَ ، فَأَرسَلَ إلَيهِ بِعَشَرَةِ آلافِ دِرهَمٍ لِيَكُفَّ لِسانَهُ ، فَأَنشَأَ عُقَيبَةُ يَقولُ :
إذَا المِنبَرُ الغَربِيُّ حَلَّ مَكانَهُفَإِنَّ أميرَ المُؤمِنينَ يَزيدُ
عَلَى الطّائِرِ المَيمونِ وَالحَدُّ صاعِدٌ۲لِكُلِّ اُناسٍ طائِرٌ وجُدودُ
فَلا زِلتَ أعلَى النّاسِ كَعبا ولَم تَزَلوُفودٌ يُساميها إلَيكَ وُفودُ
ألا لَيتَ شِعري ما يَقولُ ابنُ عامِرٍلِمَروانَ أم ماذا يَقولُ سَعيدُ ؟
بَني خُلَفاءِ اللّه ِ مَهلاً فَإِنَّمايَنوءُ بِهَا الرَّحمنُ حَيثُ يُريدُ
قالَ : فَأَرسَلَ إلَيهِ مُعاوِيَةُ بِبَدرَةٍ ۳ اُخرى . وبَلَغَ ذلِكَ عَبدَ اللّه ِ بنَ هَمّامٍ السَّلولِيَّ شاعِرَ أهلِ الكوفَةِ ، وكانَ أيضا مِمَّن يُبغِضُ يَزيدَ ، فَأَنشَأَ يَقولُ :
فَإِن باتوا بِرَملَةَ أو بِهِندٍيُبايِعُهُ أميرَةَ مُؤمِنينا
وكُلُّ بَنيكَ تَرضاهُمُ وإنشِئتُم بِعَمِّهِمُ المُنتَمينا
إذا ما ماتَ كِسرى قامَ كِسرىيَعُدُّ ثَلاثَةً مُتَناسِقينا
يُوَرِّثُها أكابِرُهُم بَنيهِمكَما وَرِثَ القَمامِسَةُ۴القَطينا۵
فَيا لَهفي لَو أنَّ لَنا اُنوفاولكِن لا نَعودُ كَما عَنينا
إذا لَضُرِبتُمُ حَتّى تَعودوابِمَكَّةَ تَلطَعونَ بِهَا السَّخينا۶
حَثَينَا الخَيطَ حَتّى لَو سُقينادِماءَ بَني اُمَيَّةَ ما رَوِينا
ضَعوا كَلبا عَلَى الأَعناقِ مِنّاوسَرَّحَكُم أصاغِرُ وَرَّثونا
هَبونا لا نُريدُكُم بِسوءٍولا نَعصيكُمُ ما تَأمُرونا
فَأَولوا بِالسَّدادِ فَقَد بَقينالِحَلفِكُم عِنادا مُفتَرينا
بَنَيتُ مُلكَكُم فَإِذا أرَدتُمبِنَا الصُّلَعاءَ قُلتُم مُحسِنينا
لَقَد ضاعَت رَعِيَّتُكُم وأنتُمتَصيدونَ الأَرانِبَ غَافِلينا
فَبَلَغَ ذلِكَ مُعاوِيَةَ فَقالَ : ما تَرَكَ ابنُ همّامٍ شَيئا ، ذَكَرَ الحُرَمَ وعَيَّرَنا بِالسَّخينَةِ ، ما لَهُ إلّا يُخرِجُنا مِن جَنَّتِنا .
قالَ : ثُمَّ وَجَّهَ إلَيهِ مُعاوِيَةُ بِبَدرَةٍ ، فَلَمّا وَصَلَت إلَيهِ شَكَرَها لِمُعاوِيَةَ ، ثُمَّ كَتَبَ إلَيهِ بِهذِهِ الأَبياتِ :
أتاني كِتابُ اللّه ِ وَالدّينُ قائِمٌوبِالشّامِ أن لا فيهِ حُكمٌ ولا عَدلُ
اُريدُ أميرَ المُؤمِنينَ فَإِنَّهُعَلى كُلِّ أحوالِ الزَّمانِ لَهُ الفَضلُ
فَهاتيكُمُ الأَنصارَ يَرجونَ فَضلَهُوهَلّاكُ أعرابٍ أضَرَّ بِهَا المَحْلُ
ومِن بَعدِها كُنّا عَباديدَ شُرَّداأقَمتَ قَناةَ الدّينِ وَاجتَمَعَ الشَّملُ
فَأَيُّ اُناسٍ أثقَلَتهُم جِنايَةٌفَمَا انفَكَّ عَن أعناقِهِم ذلِكَ الثِّقلُ
أبو خالِدٍ أخلَقُ بِهِ أن يُصيبَنابِسَجلٍ مِنَ المَعروفِ يَتبَعُهُ سَجلُ
هُوَ اليَومُ ذو عَهدٍ وَفَينا خَليفَةٌإذا فارَقَ الدُّنيا خَليفَتُنَا الكَهلُ
قالَ : ولَم يَزَل مُعاوِيَةُ يَروضُ النّاسَ عَلى بَيعَةِ يَزيدَ ، ويُعطِي المَقارِبَ ويُدانِي المُتَباعِدَ ، حَتّى مالَ إلَيهِ أكثَرُ النّاسِ وأجابوه إلى ذلِكَ . ۷

1.أسجِح : أي سهّل ألفاظك وارفق (الصحاح : ج ۱ ص ۳۷۲ «سجح») .

2.فلانٌ صاعِدُ الجَدِّ : معناه البخت والحَظُّ في الدنيا (تاج العروس : ج۴ ص۳۷۷ «جدد») .

3.البَدرة : عشرة آلاف درهم (الصحاح : ج ۲ ص ۵۸۷ «بدر») .

4.القَومَسُ : الأمير (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۲۴۲ «قمس») .

5.القطين : الإماء والحشم والخدم والأتباع (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۲۶۰ «قطن») .

6.سخينة : طعام حارّ يتّخذ من دقيق وسمن ، وقيل : دقيق وتمر ، أغلظ من الحساء وأرقّ من العصيدة ، وكانت قريش تكثر أكلها (النهاية : ج ۲ ص ۳۵۱ «سخن») .

7.الفتوح : ج ۴ ص ۳۲۹ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
202
  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 141076
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي