211
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

كلام العلّامة الأميني في ما جرى في استخلاف يزيد

إنَّ من موبقات معاويّة وبوائقه ـ وهو بكلّه بوائق ـ أخذه البيعة لابنه يزيد على كُرهٍ من أهل الحَلّ والعقد ، ومُراغَمَةٍ لبقايا المهاجرين والأنصار ، وإنكارٍ من أعيان الصحابة الباقين ، تحت بوارق الإرهاب ، ومعها طلاة المطامع لأهل الشَّرَهِ والشهوات .
كان في خَلَد معاوية يوم استقرّت له الملوكيّة وتمَّ له الملك العَضوضُ ، أن يتّخذ ابنه وليّ عهده ويأخذ له البيعة ، ويؤسّس حكومةً اُمويّة مستقرّة في أبناء بيته ، فلم يزل يروّض الناس لبيعته سبع سنين ، يُعطي الأقارب ويُداني الأباعد ، ۱ وكان يبتلعه طورا، ويجترُّ به حينا بعد حين ، يُمَهِّد بذلك السبيل ، ويُسَهِّل حُزونته .
ولمَّا مات زياد سنة 53 ه ـ وكان يكره تلك البيعة ـ ، أظهر معاوية عهدا مفتعلاً على زياد ، فقرأه على الناس ، فيه عقد الولاية ليزيد بعده ، وأراد بذلك أن يسهِّل بيعة يزيد كما قاله المدائني . ۲
وقال أبو عمر في الاستيعاب :
كان معاوية قد أشار بالبيعة ليزيد في حياة الحسن عليه السلام وعرّض بها ، ولكنّه لم يكشفها ولا عزم عليها إلّا بعد موت الحسن عليه السلام . ۳
وقال ابن كثير في تاريخه :
وفي سنة ستّ وخمسين دعا معاوية الناس إلى البيعة ليزيد ولده أن يكون وليَّ عهده من بعده ، وكان قد عزم قبل ذلك على هذا في حياة المغيرة بن شعبة . ۴
فروى ابن جرير من طريق الشعبي : أنّ المغيرة كان قد قدم على معاوية وأعفاه من إمرة الكوفة فأعفاه لكبره وضعفه ، وعزم على توليتها سعيد بن العاص ، فلمّا بلغ ذلك المغيرة كأنّه ندم ، فجاء إلى يزيد بن معاوية فأشار عليه بأن يسأل من أبيه أن يكون وليَّ العهد ، فسأل ذلك من أبيه فقال : مَن أمرك بهذا ؟ قال : المغيرة ، فأعجب ذلك معاوية من المغيرة ، وردّه إلى عمل الكوفة ، وأمره أن يسعى في ذلك ، فعند ذلك سعى المغيرة في توطيد ذلك .
وكتب معاوية إلى زياد يستشيره في ذلك ، فكره زياد ذلك ؛ لما يعلم من لعب يزيد وإقباله على اللعب والصيد ، فبعث إليه من يثني رأيه عن ذلك ، وهو عُبيد بن كعب النميري ، وكان صاحبا أكيدا لزياد ، فسار إلى دمشق فاجتمع بيزيد أوّلاً ، فكلّمه عن زياد وأشار عليه بأن لا يطلب ذلك ؛ فإنّ تركه خيرٌ له من السعي فيه ، فانزجر يزيد عمّا يريد من ذلك ، واجتمع بأبيه واتّفقا على ترك ذلك في هذا الوقت ، فلمّا مات زياد شرع معاوية في نظم ذلك والدعاء إليه ، وعقد البيعة لولده يزيد ، وكتب إلى الآفاق بذلك . ۵

1.العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۵۷ .

2.العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۵۷ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۰۳ .

3.الاستيعاب : ج۱ ص۴۴۱ .

4.توفّي المغيرة سنة خمسين ، وقدم على معاوية في سنة خمس وأربعين ، وهي سنة بدو فكرة بيعة يزيد في خلد معاوية بإيعاز من المغيرة (الغدير : ج۱۰ هامش ص۲۲۸) .

5.البداية والنهاية : ج ۸ ص ۷۹ ؛ وراجع : تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۰۱ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
210
  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 140931
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي