ب ـ القصد المباشر وغير المباشر
يرى العلّامة العسكري في مقدّمة مرآة العقول الذي صدر فيما بعد تحت عنوان «معالم المدرستين» أنّ الإمام الحسين عليه السلام قصد الشهادة ، ولكنّه كان يريد أن يقوم الناس بثورة مسلّحة ضدّ حكم يزيد:
عارض الإمام في المدينة بيعة خليفة اكتسب شرعيّة حكمه لدى المسلمين ببيعتهم إيّاه ، وقاوم عصبة الخلافة في المدينة حتّى انتشر خبره ، ثمّ توجّه إلى مكّة والتزم الطريق الأعظم ولم يتنكّبه مثل ابن الزبير ، وورد مكّة والتجأ إلى بيت اللّه الحرام ، فاشرأبّت إليه أعناق المعتمرين وتحلّقوا حوله، يستمعون إلى سبط نبيّهم وهو يحدّثهم عن سيرة جدّه ، ويشرح لهم انحراف الخليفة عن تلك السيرة!
ثمّ أعلن دعوته ، وكاتب البلاد ، ودعا الاُمّة إلى القيام المسلّح في وجه الخلافة وتغيير ما هم عليه، وطلب منهم البيعة على ذلك، وليس على أن يعينوه لِيلَي الخلافة، ولم يُمنّ الإمام أحداً بذلك بتاتاً ، ولم يذكره في خطاب ولم يكتبه في كتاب، بل كان كلّما نزل منزلاً أو ارتحل ضرب بيحيى بن زكريا مثلاً لنفسه ، وحقّ له ذلك ، فإنّ كلّاً منهما أنكر على طاغوت زمانه الطغيان والفساد وقاومه ، حتّى قتل وحمل رأسه إلى الطاغية، فعل ذلك يحيى بمفرده والحسين مع أعوانه وأنصاره وأهل بيته ، ولا يفعل ذلك من يريد أن يجمع الناس حوله ويستظهر بهم ليلي الخلافة، بل يمنّيهم بالنصر والاستيلاء على الحكم ، ولا يذكر للناس ما يؤدّي إلى الوهن والفشل . ۱
ج ـ إقامة الحكم مع العلم بالشهادة
يقول آية اللّه الاُستادي :
نحن لا نقول بأنّ الإمام ذهب بهدف القتل، بل نقول إنّه ذهب رغم أنّه كان يعلم بأنّه سوف يقتل، لكن على الظاهر إنّه ذهب لإقامة الحكم بدعوة أهل الكوفة ۲ .
ويقول أيضاً:
كان تكليف الإمام إجابة دعوة أهل الكوفة لإقامة الحكم، وإنّ الإمام كان يعلم بأنّ هذا الأمر لا يتحققّ . ۳
كما كتب قائلاً:
إجابة دعوة الكوفيّين ومشروع إقامة الحكم، لا ينافي علمه بالشهادة ، ونحن نعتقد بأنّه كان يعلم عاقبة أمره من البداية . ۴
1.مقدّمة مرآة العقول : ج ۲ ص ۴۹۳ ـ ۴۹۴ ؛ معالم المدرستين: ج ۳ ص ۳۰۸ .
2.سرگذشت كتاب شهيد جاويد «بالفارسية»: ص ۳۳۹.
3.المصدر السابق ـ الهامش ـ : ص ۴۷۴ ـ ۴۷۵ .
4.المصدر السابق : ص ۴۹۸ .