365
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

د ـ الجانبان الظاهري والباطني

استخدم البعض التعبير بالظاهر والباطن لحلّ عدم التوافق بين علم الإمام الغيبيّ بالشهادة وكلامه بشأن إقامة الحكم وإصلاح الاُمّة .
يقول مؤلّفوا كتاب «پاسداران وحي» في تبرير هذه النظريّة :
لقد قبل الإمام الحسين عليه السلام دعوة أهل الكوفة لإقامة الحكم ، ولكن في الظاهر لا في الواقع ، وتحرّك في الظاهر لإقامة الحكم ولكنّه لم يكن ينوي ذلك في الحقيقة ؛ لأنّه كان يعلم أنّه سيستشهد في كربلاء قبل الوصول إلى الكوفة ، ولذلك فقد تحرّك بهدف الاستشهاد في كربلاء ، وعلى هذا فإنّ ظاهر عمل الإمام يختلف عن باطنه ، فقد أبدى في الظاهر أنّه يريد أن يقيم الحكم في الكوفة ، ولكنّه تحرّك في الباطن بهدف أن يُقتل في كربلاء . ۱
وبعد استعراض هذه الآراء، نسلّط الضوء على بعض الأسئلة والإبهامات والنقود الواردة عليها بصورة إجمالية ، دون أن نقصد التفصيل والدراسة الشاملة:
1 . لم تكن الشهادة هدف الإمام ومقصده كما مرّ، رغم أنّها مقصودة، وقد خلط اُولئك الذين اعتبروا طلب الشهادة هدفاً بين المقصد والمقصود من جهة ، وتجاهلوا من جهة اُخرى أقوال الإمام الحسين عليه السلام وخطبه وكتبه، حيث أكّد الإمام في هذه المجموعة على أهداف غير طلب الشهادة.
2 . المعتقدون بنظريّة إقامة الحكم لم يسلّطوا الضوء على علم الإمام بالشهادة ، إن لم نقل إنّهم تجاهلوه ، رغم أنّ النصوص الدالّة عليه متواترة. ومن جهة اُخرى فإنّ المصدر الذي استندوا إليه في استخراج هذا الهدف هو أقوال الإمام الحسين عليه السلام وخطبه وكتبه ، وما نراه في هذه المجموعة هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح اُمور الاُمّة، وإحياء سنّة النبيّ صلى الله عليه و آله ، ولا تدلّ بصراحة على عزمه إقامة الحكم إلّا إذا اعتبرناها ملازمة لإقامة الحكم. نعم، عندما امتنع عن البيعة أشار في بعض النصوص إلى عدم كفاءة يزيد وأحقّيته في أمر الخلافة.
ومن جهة اُخرى فإنّ تعبير «الخروج» في كلام الإمام الحسين عليه السلام لا يعني الثورة، بل يعني ـ في جميع المواضع ـ الخروج من المدينة ، وقد يعبّر عنه خطأً بالثورة. وقد استخدم الإمام الحسين عليه السلام تعبير الخروج في الإجابة على سؤال ابن عبّاس ومحمّد بن الحنفيّة حول سبب خروجه من المدينة، أو خروجه من مكّة ، وإذا ما استُخدمت هذه الكلمة متعدّية ب« على » فإنّها تعني الثورة ، وإلّا فإنّها تعني الخروج ، وقد اقترنت جميع المواضع بالحرف « إلى » وهي تعني الخروج .
3 . ليس لنظريّة المحافظة على النفس أيّ شاهد كلاميّ وتاريخيّ ، ولذلك فإنّها غير قابلة للعرض، وفي نفس الوقت فإنّها لا تنسجم مع شؤون الإمامة. نعم، يحتمل أن تكون هناك ملاحظات في ذهن الكاتب المحترم ولكنّها لم تُذكر في العبارة.
4 . يجب الحديث فيما يتعلّق بنظريّة الجمع عمّا ذكرناه في الفقرتين الاُولى والثانية، علماً أنّ بعض وجوه هذه الحادثة تمّ تجاهلها في هذا التحليل ـ كالنظريّات الثلاث الاُولى ـ حيث سنتناولها في المباحث القادمة .

1.المصدر السابق : ص ۳۷ ـ ۳۸ نقلاً عن پاسداران وحي ، الفصل الرابع.


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
364

ب ـ القصد المباشر وغير المباشر

يرى العلّامة العسكري في مقدّمة مرآة العقول الذي صدر فيما بعد تحت عنوان «معالم المدرستين» أنّ الإمام الحسين عليه السلام قصد الشهادة ، ولكنّه كان يريد أن يقوم الناس بثورة مسلّحة ضدّ حكم يزيد:
عارض الإمام في المدينة بيعة خليفة اكتسب شرعيّة حكمه لدى المسلمين ببيعتهم إيّاه ، وقاوم عصبة الخلافة في المدينة حتّى انتشر خبره ، ثمّ توجّه إلى مكّة والتزم الطريق الأعظم ولم يتنكّبه مثل ابن الزبير ، وورد مكّة والتجأ إلى بيت اللّه الحرام ، فاشرأبّت إليه أعناق المعتمرين وتحلّقوا حوله، يستمعون إلى سبط نبيّهم وهو يحدّثهم عن سيرة جدّه ، ويشرح لهم انحراف الخليفة عن تلك السيرة!
ثمّ أعلن دعوته ، وكاتب البلاد ، ودعا الاُمّة إلى القيام المسلّح في وجه الخلافة وتغيير ما هم عليه، وطلب منهم البيعة على ذلك، وليس على أن يعينوه لِيلَي الخلافة، ولم يُمنّ الإمام أحداً بذلك بتاتاً ، ولم يذكره في خطاب ولم يكتبه في كتاب، بل كان كلّما نزل منزلاً أو ارتحل ضرب بيحيى بن زكريا مثلاً لنفسه ، وحقّ له ذلك ، فإنّ كلّاً منهما أنكر على طاغوت زمانه الطغيان والفساد وقاومه ، حتّى قتل وحمل رأسه إلى الطاغية، فعل ذلك يحيى بمفرده والحسين مع أعوانه وأنصاره وأهل بيته ، ولا يفعل ذلك من يريد أن يجمع الناس حوله ويستظهر بهم ليلي الخلافة، بل يمنّيهم بالنصر والاستيلاء على الحكم ، ولا يذكر للناس ما يؤدّي إلى الوهن والفشل . ۱

ج ـ إقامة الحكم مع العلم بالشهادة

يقول آية اللّه الاُستادي :
نحن لا نقول بأنّ الإمام ذهب بهدف القتل، بل نقول إنّه ذهب رغم أنّه كان يعلم بأنّه سوف يقتل، لكن على الظاهر إنّه ذهب لإقامة الحكم بدعوة أهل الكوفة ۲ .
ويقول أيضاً:
كان تكليف الإمام إجابة دعوة أهل الكوفة لإقامة الحكم، وإنّ الإمام كان يعلم بأنّ هذا الأمر لا يتحققّ . ۳
كما كتب قائلاً:
إجابة دعوة الكوفيّين ومشروع إقامة الحكم، لا ينافي علمه بالشهادة ، ونحن نعتقد بأنّه كان يعلم عاقبة أمره من البداية . ۴

1.مقدّمة مرآة العقول : ج ۲ ص ۴۹۳ ـ ۴۹۴ ؛ معالم المدرستين: ج ۳ ص ۳۰۸ .

2.سرگذشت كتاب شهيد جاويد «بالفارسية»: ص ۳۳۹.

3.المصدر السابق ـ الهامش ـ : ص ۴۷۴ ـ ۴۷۵ .

4.المصدر السابق : ص ۴۹۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 141131
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي