93
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2

د ـ الإمام الحسين عليه السلام في عهد خلافة أبيه (35 ـ 40 ه )

قضى الحسين عليه السلام ستّة وثلاثين عاما من عمره الشريف في رفقة أبيه ، وقد تزامنت السنوات الخمس الأخيرة منها تقريبا مع حكم أمير المؤمنين عليه السلام .
فكان الحسين عليه السلام القوي والجنديّ المطيع لأبيه في الميادين المختلفة ، من حين بيعة الناس للإمام عليّ عليه السلام وحتّى لحظة استشهاده . فقد اعتلى المنبر بعد بيعة الناس لعليّ عليه السلام وبأمرٍ منه، وخطب بالناس قائلاً :
سَمِعتُ جَدّي رَسولَ اللّه ِ صلى الله عليه و آله وهُوَ يَقولُ: «إنَّ عَلِيّا هُوَ مَدينَةُ هُدًى ؛ فَمَن دَخَلَها نَجا ، ومَن تَخَلَّفَ عَنها هَلَكَ» . ۱
وحضر معركة الجمل مع أخويه الحسن عليه السلام ومحمّد بن الحنفية، وكانت له قيادة الميسرة . ۲ وفي صفّين خطب في الكوفيّين قبل بدء المعركة ، وكان يقود الفرسان إلى جانب أخيه طوال المعركة . ۳ وكانت له قيادة عشرة آلاف محارب في الحرب الّتي لم تتمّ بسبب استشهاد أميرالمؤمنين عليه السلام . ۴ كما شارك أباه وأخاه في تطبيق الحدود الإلهية ، وسجّل له التاريخ رجم رجل اعترف بالزنا . ۵
ودفع نيابة عن والده ـ بعد استشهاده ـ زكاة الفطرة طيلة حياته ۶ . ۷
كان الإمام عليّ عليه السلام في هذه المرحلة يولي اهتماما خاصّا بالحسنين عليهماالسلام ، فكان يرعاهما في الحروب أشدّ الرعاية ، حتّى قال بعض الناس لمحمّد بن الحنفية : ما بال أبيك كان يرمي بك في مرام لا يرمي فيها الحسن والحسين؟ قال :
لأنّهما كانا خدّيه وكنت يده، فكان يتوقّى بيده عن خدّيه . ۸
وكان عليه السلام يدعو للحسن والحسين عليهماالسلام بهذا الدعاء :
اللّهُمَّ احفَظ حَسَنا وحُسَينا ، ولا تُمَكِّن فَجَرَةَ قُرَيشٍ مِنهُما ما دُمتُ حَيّا . ۹
وكان يوصي ابنه الحسن عليه السلام بالحسين عليه السلام قائلاً :
وأمّا أخوكَ الحُسَينُ فَهُوَ ابنُ اُمِّكَ ولا أزيدُ ۱۰ الوَصاةَ بِذلِكَ، وَاللّه ُ الخَليفَةُ عَلَيكُم . ۱۱
وللإمام عليّ عليه السلام وصية معروفة للحسنين عليهماالسلام بعد تعرّضه للضربة، وقد نُقلت في نهج البلاغة، جاء فيها :
اُوصيكُما بِتَقوَى اللّه ِ ، وألّا تَبغِيَا الدُّنيا... . ۱۲
وله وصية طويلة قيّمة خاصّة للحسين عليه السلام ، أوّلها:
يا بُنَيَّ ، اُوصيكَ بِتَقوَى اللّه ِ فِي الغِنى وَالفَقرِ، وكَلِمَةِ الحَقِّ فِي الرِّضى وَالغَضَبِ، وَالقَصدِ فِي الغِنى وَالفَقرِ، وبِالعَدلِ عَلَى الصَّديقِ وَالعَدُوِّ، وَبِالعَمَلِ فِي النَّشاطِ وَالكَسَلِ، وَالرِّضى عَنِ اللّه ِ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ... . ۱۳

1.راجع : ص۱۱۷ ح۶۷۷ .

2.راجع : ص۱۱۸ (الفصل الرابع / دوره في وقعة الجمل) .

3.راجع : ص۱۲۳ (الفصل الرابع / دوره في وقعة صفّين) .

4.راجع : ص۱۲۸ (الفصل الرابع / دوره في غزوة لم تتمّ بسبب شهادة أبيه عليه السلام ) .

5.راجع : ص۱۳۲ (الفصل الرابع / إجراء الحدّ مع أبيه وأخيه) .

6.دفع زكاة الفطرة عن الأموات بعنوان الصدقة مستحبّ .

7.راجع : ص۱۴۰ (الفصل الرابع / أداءُ الحسنين عليهماالسلام زكاة الفطر عن أبيهما) .

8.راجع : ص۱۳۰ ح۷۰۳ .

9.راجع : ص۱۳۱ ح۷۰۵ .

10.في بحار الأنوار : ج ۴۲ ص ۲۰۳ و ج ۷۸ ص ۹۹ «اُريد» بدل «أزيد» .

11.راجع : ص۱۳۳ ح ۷۰۷ .

12.راجع : ص۱۳۴ ح ۷۰۸ .

13.راجع : ص۱۳۵ ح۷۱۰ .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
92

الثالث: الدفاع عن عثمان حين محاصرته

من الاُمور الّتي تكرّر ذكرها في مصادر أهل السنّة ۱ ، أنّ الإمام عليّا عليه السلام أرسل الحسن والحسين عليهماالسلام للدفاع عن الخليفة الثالث حين محاصرته، وبقيا هناك إلى آخر الأحداث، كما تضرّرا بسبب الهجوم على دار عثمان .
وقد شكّك بعض المحقّقين الشيعة المتقدّمين والمتأخّرين في ذلك ؛ كالسيّد المرتضى ، والعلاّمة الأميني ، وباقر شريف القرشي ، والسيّد جعفر مرتضى العاملي وغيرهم. وسبب شكّهم هذا، هو منهج عثمان في الحكم ، واختلاف نهجه وسيرته عن نهج وسيرة الإمام عليّ عليه السلام ، بالإضافة إلى مشاركة الصحابة في الهجوم على بيت عثمان . مع أنّ سند بعض هذه الروايات ينتهي إلى سعيد بن أبي سعيد المقبري ، الذي قال عنه رجاليّون كبار ـ كابن شيبة والواقدي وابن حبّان ـ إنّه فقد شعوره ووعيه في السنين الأربع الأخيرة من عمره . ۲
وبشأن هذه النقول يجب الالتفات إلى عدّة اُمور :
1 . لا يمكننا نفي حدوث أمر كهذا من الأساس؛ نظرا لكثرة النقول، لكنّ تبرير فعل الإمام عليّ عليه السلام هذا واضح، فهو يريد دفع تهمة المشاركة في قتل الخليفة الثالث نظرا لمخالفته له .
ومن ناحية اُخرى، أراد الإمام اجتناب الفتن الكبيرة بين المسلمين، كما وقع ـ بالفعل ـ حيث جعل طلب ثأر الخليفة الثالث حجّة لإشعال نيران حروب كالجمل وصفّين والنهروان. وهذان الهدفان كافيان لقيام الإمام بهذا العمل .
2 . لا أساس من الصحّة لبعض التفاصيل المنقولة حول هذه الحادثة، كإرسال طلحة والزبير أبناءهما للدفاع عن عثمان، أو غضب أمير المؤمنين عليه السلام لعودة الحسنين عليهماالسلاممن دار عثمان ومقتل الخليفة .
أمّا بطلان الأمر الأوّل فواضح لا يحتاج إلى دليل ؛ لأنّ المصادر التاريخيّة متّفقة على شدّة عداء طلحة والزبير وعائشة للخليفة الثالث . وأمّا بطلان الأمر الثاني فمؤكّد ؛ بسبب عصمة الحسنين عليهماالسلام وعدم تقصيرهما في أداء واجبهما، فليس هناك ما يغضب أمير المؤمنين عليه السلام ، إضافة إلى تصريح الإمام عليّ عليه السلام مرارا بأنّه ما ساءهُ قتلُ عثمانَ ولا سَرّهُ . ۳
3 . لا يدلّ موقف الإمام عليّ عليه السلام في الدفاع عن الخليفة الثالث على تأييده لمنهجه في الحكومة أو مشروعيتها أبدا، فقد نبّهه أيّام خلافته كرارا ومرارا، صراحةً وإيماءً ، على الانتهاكات الّتي حصلت في ظلّ حكومته . ۴
وفي الختام نؤكّد على أنّ ما نُقل عن أهل البيت عليهم السلام والإمام الحسين عليه السلام في هذا العهد قليل جدّا ؛ وذلك بسبب العزلة الّتي كانوا يعيشونها في هذه الفترة .

1.تاريخ المدينة : ج ۴ ص ۱۳۰۴ ، تاريخ دمشق : ج ۳۹ ص ۴۱۸ ، الامامة والسياسة : ج ۱ ص ۵۹ وراجع : هذه الموسوعة : ج۲ ص۱۱۴ (الفصل الثالث : الإمام في عهد عثمان / ما روي في الممانعة عن قتل عثمان) وموسوعة الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام : ج ۲ ص ۲۰۹ ـ ۲۱۵ .

2.راجع : الشافي في الإمامة : ج ۴ ص ۲۴۲ والغدير : ج ۹ ص ۲۳۸ وحياة الإمام الحسن بن علي عليه السلام للقرشي : ج ۱ ص ۲۷۹ والحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام ، ص ۱۴۰ وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۳ ص ۸ .

3.راجع : الغدير : ج ۹ ص ۶۹ .

4.راجع : موسوعة الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام : ج۸ (الفهارس) ص۳۹۹ ـ ۴۰۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1389
عدد المشاهدين : 141121
الصفحه من 411
طباعه  ارسل الي