157
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9

الروايات التي ذمّت السكن في القرى ، بل إنّ كلتا المجموعتين مقيّدتان بإمكان الحصول على القيم العلمية والأخلاقية والعملية أو عدم إمكانه . ولذلك ، فحينما لا تتوفّر إمكانية المحافظة على القيم في المدينة ، فقد اُوصي بالسكن في الريف ، كما جاء في رواية عن النبي صلى الله عليه و آله :
سَيَكونُ بَعدي فِتَنٌ شِدادٌ ، خَيرُ النّاسِ فيها مُسلِمو أهلِ البَوادي ، الَّذينَ لا يَندَونَ مِن دِماءِ النّاسِ ولا أموالِهِم شَيئا . ۱
كما جاء في روايةٍ اُخرى عنه صلى الله عليه و آله :
إذا كانَ في آخِرِ الزَّمانَ وَاختَلَفَتِ الأَهواءُ فَعَلَيكُم بِدينِ أهلِ البادِيَةِ . ۲
وهكذا ، فإن المعيار الرئيسي لاختيار المدينة أو القرية للسكن ، هو دورهما في إفادة الإنسان علمياً وعملياً ، وقد وردت الإشارة إلى هذا المعنى في حديثٍ عن النبيّ صلى الله عليه و آله :
البِلادُ بِلادُ اللّهِ ، وَالعِبادُ عِبادُ اللّهِ ، فَحَيثُما أصَبتَ خَيرا فَأَقِم . ۳
كما جاء بيان هذا المعنى في رواية عن الإمام عليّ عليه السلام كالتالي :
لَيسَ بَلَدٌ بِأَحَقَّ بِكَ مِن بَلَدٍ ، وخَيرُ البِلادِ ما حَمَلَكَ . ۴

ثانياً . أهمّ الخصائص المطلوبة لمحلّ السكنى

يجب توفّر بعض الخصائص في المنطقة التي يسكنها الإنسان من أجل أن تهيّئ للإنسان إمكانية الاستفادة العلمية والأخلاقية والعملية ، وأهمّها :

1.المعجم الكبير : ج ۲۲ ص ۳۶۵ ح ۹۱۴ ، اُسد الغابة : ج ۶ ص ۲۳۲ الرقم ۶۱۴۸ كلاهما عن أبي الغادية المزني ، كنز العمّال : ج ۱۱ ص ۱۴۶ ح ۳۰۹۷۴ .

2.الفردوس : ج ۱ ص ۲۵۶ ح ۹۹۶ عن ابن عمر .

3.مسند ابن حنبل : ج ۱ ص ۳۵۰ ح ۱۴۲۰ عن الزبير بن العوام .

4.نهج البلاغة : الحكمة ۴۴۲ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
156

وقد ذمّ القرآن الكريم أعراب البادية بسبب بعدهم عن القيم العلمية والأخلاقية والعملية قائلاً :
«الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَ نِفَاقًا وَ أَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» . ۱
وجاء في حديثٍ نبويٍّ خاطَب فيه النبيُ صلى الله عليه و آله الإمامَ عليّاً عليه السلام موضّحا فيه أنّ سبب النهي عن السكن في القرى هو عدم إمكان تلقّي العلم والمحافظة على القيم الأخلاقية والعملية :
لا تَسكُنِ الرُّستاقَ ۲ ؛ فَإِنَّ شُيوخَهُم جَهَلَةٌ ، وشُبّانَهُم عَرَمَةٌ ۳ ، ونِسوانَهُم كَشَفَةٌ ، وَالعالِمَ بَينَهُم كَالجيفَةِ بَينَ الكِلابِ . ۴
كما يقول الإمام عليّ عليه السلام في نهج البلاغة ، في بيان سبب التوصية بالسكن في المدن الكبيرة :
اُسكُنِ الأَمصارَ العِظامَ ، فَإِنَّها جِماعُ المُسلِمينَ ، وَاحذَر مَنازِلَ الغَفلَةِ وَالجَفاءِ وقِلَّةَ الأَعوانِ عَلى طاعَةِ اللّهِ . ۵
وجاء في حديث آخر أنّ سبب تفضيل السكن في المدن ، إمكانية إقامة صلاة الجمعة والجماعة . ۶
وعلى هذا الأساس ، فلا الروايات التي تشجع على السكن في المدن مطلقة ولا

1.التوبة : ۹۷ .

2.الرستاق : فارسي معرّب ، والجمع الرساتيق ، وهي السواد . . . ويستعمل الرستاق في الناحية : طرف الإقليم ( مجمع البحرين : ج ۲ ص ۶۹۸ « رستق » ) .

3.عارم : أي خبيث شرّير (النهاية : ج ۳ ص ۲۲۳ «عرم») .

4.راجع : ص ۱۷۰ ح ۱۰۲۸۱.

5.راجع : ص ۱۶۹ ح ۱۰۲۸۰.

6.راجع : ص ۱۶۹ ح ۱۰۲۷۸ و ۱۰۲۷۹.

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 150825
الصفحه من 506
طباعه  ارسل الي