17
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9

والملاحظة الجديرة بالاهتمام أنّ الإنسان لا يستطيع البكاء عندما يبلغ به الحزن غايته ، كما جاء في الحكَم المنسوبة إلى الإمام علي عليه السلام :
إذا تَناهَى الغَمُّ انقَطَعَ الدَّمعُ . ۱
وعلى هذا الأساس ، فإنّ من الواجب الاستعانة بالبكاء ـ كعلاجٍ ـ للتقليل من شدّة الحزن والوَجد قبل أن يبلغ هذه المرحلة الخطيرة ، واستناداً إلى الرواية التي نقلها الكليني رحمه الله عن منصور الصيقل حيث يقول :
شَكَوتُ إلى أبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام وَجدا وَجَدتُهُ عَلَى ابنٍ لي هَلَكَ ، حَتّى خِفتُ عَلى عَقلي .
فَقالَ : إذا أصابَكَ مِن هذا شَيءٌ فَأَفِض مِن دُموعِكَ ؛ فَإِنَّهُ يَسكُنُ عَنكَ . ۲

3 . البكاء المفيد والمطلوب

رغم أنّ البكاء حاجة طبيعية إلّا أنّ هذا لا يعني أنّ الإنسان له الحقّ في أن يؤمّن هذه الحاجة بأيّ طريقة ، كما هو الحال بالنسبة إلى تأمين الحاجات الاُخرى . ولذلك فإنّ الإسلام الذي هو دين الفطرة دلّ على طريق تأمين هذه الحاجة كما حدّد الطرق المنحرفة .
وما جاء في الفصل الأوّل من هذا الباب تحت عنوان «البكاء المذموم» ۳ مثل : البكاء الناجم عن الخدعة ، الجهل والعجز وغير ذلك ، هو في الحقيقة إشارة إلى نفس تلك الطرق المنحرفة ، وما جاء في الفصل الثاني تحت عنوان «البكاء الممدوح» ۴ ، مثل : البكاء على نقاط الضعف والأخطاء ، البكاء على فقدان الأب ،

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۲۰ ص ۲۹۵ ح ۳۷۱ .

2.راجع : ص ۴۱ ح ۹۹۷۴.

3.راجع: ص ۲۱ ( الفصل الأوّل: البكاء المذموم ).

4.راجع: ص ۲۵ ( الفصل الثاني: البكاء الممدوح ).


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
16

ك ـ يلعب البكاء دوراً في التقليل من الأمراض ذات العلاقة بالتوتر والحيلولة دونها .
ل ـ الضحك والبكاء أداتان فاعلتان في خفض التوتّر والتخلّص من الأحاسيس السلبية .
م ـ عندما يُكبت البكاء ، فإنّ الإثارات والتوتّرات لا تتحرّر ، وتظهر السمات الهدّامة ـ كالسلوك الفَظّ ـ في الشخصيّة .
ن ـ يرى العلماء أنّ كبت البكاء ليس عملاً معقولاً ، إلّا أنّ بعض الأشخاص الذين يبدؤون بالبكاء بمجرّد نقدهم ، وتشاجرهم مع الأصدقاء ، ومواجهة الإحباطات الصغيرة ، عليهم أن يراجعوا متخصّصاً نفسيّاً ؛ ذلك لأنّ السبب الرئيس لهذا النوع من البكاء هو عادةً الثقة المتدنّية بالنفس أو المشاكل النفسية المزمنة في الإنسان ، فيجب أن يخضع هذا الشخص للعلاج .
س ـ يعتري البشرَ شعور أفضل بعد البكاء من الناحيتين الجسمية والنفسية ، والباعث على ذلك في الحقيقة هو شعورهم بالراحة ؛ وذلك بسبب طرد الموادّ المتراكمة كما أوضحنا .
ع ـ يعتبر البكاء أداةً لإقامة العلاقات ، ولغة عالمية لطلب المساعدة والحماية الاجتماعية .
ف ـ يساعد البكاء ـ من خلال تحرير الأندروفينات ـ على جريان الدم . والأندروفينات هي التركيبات الكيمياوية التي تؤدّي إلى تحسّن السلوك الأخلاقي وتسكين الآلام .
والجدير بالذكر هو أنّ ما جاء في بعض الروايات بشأن دور البكاء في الاطمئنان النفسي للشخص المنكوب ، يؤيّد هذا الرأي .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 150623
الصفحه من 506
طباعه  ارسل الي