237
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9

اختلاف سنّ البلوغ فيما يتعلّق بأنواع التكليف . وبعبارة اُخرى ؛ فإنّ للبلوغ معانٍ ومراتب مختلفة ، وهذا هو نصّ ما ذكره :
والتوفيق بين الأخبار يقتضي اختلاف معنى البلوغ بحسب السنّ بالإضافة إلى أنواع التكاليف ، كما يظهر ممّا روي في باب الصيام أنّه لا يجب على الاُنثى قبل إكمالها الثلاث عشر سنة إلّا إذا حاضت قبل ذلك ، وما روي فى باب الحدود أنّ الاُنثى تؤاخذ بها وهي تؤخذ لها إذا كملت تسع سنين ، إلى غير ذلك ممّا ورد في الوصية والعتق ونحوهما أنّها تصحّ من ذي العشر ۱ . ۲
وقد أخذ بعض الباحثين المعاصرين بهذا الرأي وقالوا : إنّ للبلوغ مراتب وكلّ مرتبة منه موضوع أحكام خاصة ، مثل :

1 . البلوغ العقائدي

يكفي ـ فيما يتعلّق بالعقائد ـ النطق بالشهادتين في إسلام الطفل الكافر إذا ما كان هذا النطق قائماً على المعرفة والوعي ، حتى وإن لم يبلغ عمر الصبي خمس عشرة

1.مفاتيح الشرايع : ج ۱ ص ۱۴ .

2.ومما يجدر ذكره أن رأي الفيض تمّ دحضه في جواهر الكلام بهذا الاستدلال على أنّه مخالف للإجماع ، وهذا نصّ الجواهر : «فما تفرّد به الفاضل الكاشاني ـ من أنّ التحديد بالسنّ مختلف في التكليفات ، وأنّ الحدّ في كلّ شيء هو التحديد الوارد فيه ، ظنّا منه أنّ التوفيق بين النصوص الواردة في السنّ إنّما يحصل بذلك ـ واضح الفساد ، لمخالفته إجماع الإمامية بل المسلمين كافّة ، فإنّ العلماء مع اختلافهم في حدّ البلوغ بالسنّ مجمعون على أنّ البلوغ الرافع للحجر هو الذي يثبت به التكليف ، وأنّ الذي يثبت به التكليف في العبادات هو الذي يثبت به التكليف في غيرها ، وأنّه لا فرق بين الصلاة وغيرها من العبادات فيه . بل هو أمر ظاهر في الشريعة ، معلوم من طريقة فقهاء الفريقين ، وعمل المسلمين في الأعصار والأمصار من غير نكير ، ولم يسمع من أحد منهم تقسيم الصبيان بحسب اختلاف مراتب السنّ ، بأن يكون بعضهم بالغا في الصلاة مثلاً غير بالغ في الزكاة ، أو بالغا في العبادات دون المعاملات ، أو بالغا فيها غير بالغ في الحدود ، وما ذاك إلّا لكون البلوغ بالسنّ أمرا متحدا غير قابل للتجزية والتنويع» (جواهر الكلام : ج ۲۶ ص ۴۱) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
236

كما يصرّح في كتاب المقنع :
اعلم أنّ الغلام يؤخذ بالصيام إذا بلغ تسع سنين على قدر ما يطيقه ، فإن أطاق إلى الظهر أو بعده صام إلى ذلك الوقت ، فإذا غلب عليه الجوع والعطش أفطر ، وإذا صام ثلاثة أيّام وُلّاءً اُخِذ بصوم الشهر كلّه . وروي أنّ الغلام يؤخذ بالصوم ما بين أربع عشرة سنة إلى خمس عشرة سنة إلاّ أن يقوى قبل ذلك ، وروي عن أبي عبد اللّه أنّه قال : «عَلَى الصَّبِيِّ إذا احتَلَمَ الصِّيامُ ، وعَلَى المَرأَةِ إذا حاضَتِ الصِّيامُ والخِمارُ» . ۱
ويؤكد الشريف المرتضى رحمه الله قائلاً :
إذا أسلم الكافر قبل استهلال الشهر كان عليه صيامه كلّه ، وإن كان إسلامه وقد مضت منه أيّامٌ صام المستقبل ولا قضاء عليه في الفائت ، وكذلك الغلام إذا احتلم والجارية إذا بلغت المحيض . ۲
ويحتمل أن يكون مراد هؤلاء الفقهاء هو أنّ السنّ ليس أمارةً تعبّديةً للبلوغ ، بل إنّ معيار البلوغ عند الفتيان الاحتلام ، وعند الفتيات العادة الشهريّة .

رأي مشهور الفقهاء حول سنّ البلوغ

أفتى مشهور الفقهاء استناداً إلى الروايات التي ذكرت أن سنّ بلوغ الفتيان خمس عشرة سنة وسنّ بلوغ الفتيات تسع سنوات ، واستناداً إلى هذا الرأي فإن سنّ البلوغ هو أمر تعبّدي عيّنه الشارع إلى جانب العلامات الطبيعية الاُخرى . والجدير بالذكر هو أنّنا سوف لا نذكر في هذا الباب سوى الروايات الدالة على هذا المعنى ، آخذين بنظر الاعتبار رأي مشهور الفقهاء .

رأي الفيض الكاشاني

يرى المحدّث والمحقّق الجليل الملّا محسن الفيض رحمه الله أنّ اختلاف الروايات يقتضي

1.المقنع : ص ۱۹۵ .

2.رسائل المرتضى : ج ۳ ص ۵۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج9
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 150858
الصفحه من 506
طباعه  ارسل الي