رُوِيَ: أنّ الناهين لمّا أيسوا عن اتّعاظ المعتدين، كرهوا مساكنتهم، فقسّموا القرية بجدار فيه باب مطروق، فأصبحوا يوما، ولم يخرج إليهم أحد من المعتدين، فقالوا: إنّ لهم شأنا، فدخلوا عليهم، فإذا [هم] قِردَةٌ، فلم يعرفوا أنسباءهم، ولكن القُرُود تعرفهم، فجعلت تأتي أنسباءهم، وتشمّ ثيابهم، وتدور باكيةً حولهم، ثمّ ماتوا بعد ثلاث .
وعن مجاهد : «مسخت قلوبهم، لا أبدانهم» انتهى . ۱
وأقول : ظاهر هذا الخبر مناف للآية الأخيرة، فلعلّ وجه الجمع ما ذكره البيضاوي من أنّهم عذّبوا أوّلاً، ثمّ عتوا بعد ذلك، فمُسخوا قردة . فالمراد بالهلاك في هذا الخبر العذاب .
أو نقول : المراد بالهلاك مسخ قلوبهم، كما قال مجاهد .
وقيل : المراد بالهلاك مسخهم قردة ، وأيّده بما ذكر السيّد ابن طاووس في كتاب سعد السعود، قال :
رأيت في كتاب أنّهم كانوا ثلاث فرق ؛ فرقة باشرت المنكر ، وفرقة أنكرت عليهم ، وفرقة داهنت أهل المعاصي، فلم تنكر، ولم تباشر المعصية، فنجّى اللّه الذين أنكروا، وجعل الفِرقة المداهِنَة ذرّا، ومسخ الفرقة المباشرة للمنكر قردة .
ثمّ قال ابن طاووس رحمه الله : «ولعلّ مسخ المداهنة ذرّا؛ لتصغيرهم عظمة اللّه ، وتهوينهم بحرمة اللّه ، فصغّرهم اللّه » انتهى . ۲
فليتأمّل جدّا .
متن الحديث الثاني والخمسين والمائة
۰.عَنْهُ۳، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَسْبَاطٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ رَزِينٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ، قَالَ:كَتَبَ أَبُو عَبْدِ اللّهِ عليه السلام إِلَى الشِّيعَةِ: «لَيَعْطِفَنَّ ذَوُو السِّنِّ مِنْكُمْ وَالنُّهى عَلى ۴ ذَوِي الْجَهْلِ وَطُلَابِ الرِّئَاسَةِ، أَوْ لَتُصِيبَنَّكُمْ لَعْنَتِي أَجْمَعِينَ».
1.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۶۸ و ۶۹ .
2.سعد السعود ، ص ۱۱۹ (مع اختلاف يسير في اللفظ) . والناقل هو العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۶ ، ص ۱۸ و ۱۹ .
3.رجوع الضمير إلى «سهل» أمر واضح .
4.في الحاشية عن بعض النسخ: «عن».