مختارات من نوادر « روضة الكافي » للكليني - صفحه 320

« الأَشقى عَلى رُثُوثَة »

ومن خطبة الوسيلة للإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، قوله :
يتلاعنان في دورهما ويتبرّأ كلُّ واحد منهما من صاحبه ، يقول لقرينه إذا التقيا :«يَــلَيْتَ بَيْنِى وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ»۱، فيجيبه الأشقى على رُثُوثةٍ : ياليتني لم أتّخذك خليلاً ، لقد أضللتني۲.
الرثّ : ما يدلّ على خَلَقٍ ، وخِلقان ، ومتاع البيت الدون ، وفي الحديث : « عفوت لك عن الرّثّة »۳ ، وأخلاق ؛ أي بالية ، والخَلَقُ أيضا : الخسيس البالي من كلّ شيء ، ورثّ الهيأة : قبيحها ، ويقال للرجل إذا أثخن في الحرب وبه رمق : قد ارتُثّ فلان ، وكلام رثّ : غثّ سخيف ، والرثّ من رديء المتاع ، وخلقان الثياب ، ومنه قول الخنساء حين خطبها دريد بن الصمّة على كبر سنّه : « أتروني تاركة بني عمّي كأنّهم عوالي الرماح ، ومرتثّة شيخ بني جُشم؟ »، أرادت أنّه أسنّ ووهن ، وقول النعمان بن مقرن يوم نهاوند :
ألا إنّ هؤلاء أخطروا لكم رثّةً وأخطرتم لهم الإسلام ۴ .
ففي الرثاثة والرثوثة جمع لمعاني ، منها : رثّ الهيأة ، أو الذي ضُرب في الحرب فأُثخن وحُمل وبه رمق ، فإن كان قتيلاً فليس بمرتثّ ، والرثيث الجريح ، وفي حديث ابن صوحان : إنّه ارتثّ يوم الجمل وبه رمق ، وفي حديث أُمّ سلمة : فرآني مرتثّة ، أي ساقطة ضعيفة ۵ .
فالرثّة من الركّة والضعف والبلى والسقوط والخسّة والرداءة والسخف وسقط المتاع .
وربما أراد النصّ جميع هذه المعاني ؛ لأنّها تعبّر عن سوء حال الأشقى الذي هو على رثوثة عند وروده أصعب الموارد ، إذ هو يعتقد أنّ صاحبه هذه هو الذي وضعه في موضع الحسرة والندم والخسران .

1.الزخرف : ۳۸ .

2.الكافي : ج ۸ ص ۶۰۸ .

3.انظر : لسان العرب : ج ۲ ص ۱۵۱ .

4.اُنظر : التهذيب : ج ۱۵ ص ۵۷ ـ ۵۸ ؛ لسان العرب : ج ۲ ص ۱۵۱ .

5.لسان العرب : ج ۲ ص ۱۵۲ .

صفحه از 338