مختارات من نوادر « روضة الكافي » للكليني - صفحه 330

« أُغرِقُ نَزعا وَلا تَطيشُ سِهامي »

أنشد الكميت أبا عبد اللّه الصادق عليه السلام شعرا ، فقال :
أخلص اللّه لي هواي فماأغرق نزعا ولا تطيش سهامي
فقال أبو عبد اللّه عليه السلام :
لا تقل هكذا : فما أغرق نزعا ، ولكن قل : فقد أغرق نزعا ولا تطيش سهامي۱.
وقد صحّح الإمام عليه السلام ما وقع فيه الشاعر من غلط لغوي إذ غيّر أُسلوب الجملة من النفي إلى الإثبات ، وسيتّضح ممّا سنذكر من تدقيق دلالة جملة الشاعر ، وتصحيحها الذي جاء به الإمام عليه السلام :
نَزَعَ في القوس ينزِع نزعا إذا مدّ وترها ، قال تعالى : «وَ النَّـزِعَـتِ غَرْقًا»۲ ، قال الفرّاء : تنزع الأنفس من صدور الكفّار ، ويُغرِقُ النازع في القوس إذا جذب الوتر ، وأغرق النازع في القوس أي استوفى مدّها ، والإغراق في النزع : أن ينزِع حتّى يشرِب بالرصاف أي ( الالتصاق والإحكام ) ، وينتهي النزع إلى كبد القوس كلّه إلى الحديدة ، يضرب مثلاً للغلوّ والإفراط ، ويقال غرّق النبل : إذا بلغ به غاية المدّ في القوس ۳ .
المِنزَع : السهم ، والنَّزَعة : الرماة ، ومنه المثل : عاد الرّميُ على النَّزَعةِ ، للذي يحيق به مكره ۴ .
يتّضح ممّا سبق أنّ الشاعر كان يريد إثبات النزع ، لكنّه توهّم فجاء بالنفي ، لهذا صحّح له الإمام عليه السلام ، أي أراد الشاعر تحقيق الرمي لا نفيه ، بدليل قوله : لا تطيش سهامي ، أي يرمي ويصيب هدفه فلا تطيش سهامه ، والنفي لا يؤدّي هذا المعنى ، فإن امتنع عن النزع فلا سهام تنطلق من قوسه .

1.الكافي : ج ۸ ص ۷۰۲ .

2.النازعات : ۱ .

3.اُنظر : ديوان الأدب : ج ۲ ص ۳۲۰ ؛ التهذيب : ج ۲ ص ۱۴۱ ـ ۱۴۲ ؛ تاج العروس : ج ۲ ص ۱۴۲ .

4.التهذيب : ج ۲ ص ۱۴۲ .

صفحه از 338