147
العقد النّضيد و الدّر الفريد

الحديث الخامس والمائة

۰.قال ربّانيّ هذه الأُمّة عبد اللّه بن عباس رضى الله عنه ، وقد سأله معاوية عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، فقال :.
كان واللّه للقرآن تاليا ، وللشرّ قاليا ، وعن المين ۱ نائيا ، وعن المنكرات ناهيا ، وعن الفحشاء ساهيا ، وبدينه عارفا ، ومن اللّه خائفا ، وعن الموبقات صارفا ، وبالليل قائما ، وبالنهار صائما ، ومن دنياه سالما ، وعلى العدلِ في البريّة ملازما ، وبالمعروف آمرا ، وعن المهلكات زاجرا ، وبنور اللّه ناظرا ، ولشهوته قاهرا ، فاق العالمين ورعا وكفافا وقناعة وعفافا ، وسادهم زهدا وأمانة وبرّا وحياطةً .
كان واللّه حليف الإسلام ، ومأوى الأيتام ، ومحلّ الإيمان ، ومنتهى الإحسان ، وملاذ الضعفاء ومعقل الحنفاء ، وكان للحقّ حصنا حصينا ، وللناس عونا مبينا ، وللدين نورا ، وللنعم شكورا ، وفي البلاء صبورا .
كان واللّه هجّادا بالأسحار ، كثير الدموع عند ذكر النار ، دائم الفكرة في الليل والنهار ، نهّاضا إلى كلّ مكرمة ، سعّاء إلى كلّ منجية ، فرّارا من كلِّ موبقة .
كان واللّه علم الهدى ، وكهف التقى ، ومحلّ الحجى ، وبحر الندى ، وطود النهى ، وكنف العلم للورى ، ونور السفر في ظلم الدجى .
كان [ واللّه ]داعيا إلى المحجّة العظمى ، ومتمسّكا بالعروة الوثقى ، عالما بما في الصحف الأُولى ، وعاملاً بطاعة الملك الأعلى ، وعارفا بالتأويل والذكرى ، متعلّقا بأسباب الهدى ، حائدا عن طرقات الردى ، ساميا إلى المجد والعلى ، قائما بالدين والتقوى ، وتاركا للجور والعدوى ، وخير من آمن واتّقى ، وسيّد من تقمّص وارتدى ، وأبرّ من انتعل وسعى ، وأصدق من تسربل واكتسى ، وأكرم من تنفّس وقرى ، وأفضل من صام وصلّى ، وأفخر من ضحك وبكى ، وأخطب من مشى على الثرى ، وأفصح من نطق في الورى بعد النبيّ المصطفى ، [ صلّى القبلتين ] .
فهل يساويه أحد وهو زوج خير النسوان؟! ۲ وهل يساويه بطل وهو أبو السبطين؟! فهل يدانيه خلق؟! و كان واللّه للأشدّاء قتّالاً ، وللحرب شعّالاً وفي الهزائز ۳ جبالاً؟ ۴
وعن الأعمش قال : سئل عبد اللّه بن عباس أيضا عن أمير المؤمنين عليّ عليه السلام ، فقال : كيف أصف ربيب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وأخاه وزوج ابنته سيّدة نساء العالمين ، وأبا سبطيه الحسن والحسين سيّدي شباب أهل الجنّة؟!
وكيف أَصِفُ من يقول له رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : «أنت يوم القيامة قسيم النار والجنّة ، يقول للنار : هذا لي وهذا لك»؟!
أم كيف أصف من قال له رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم في شأنه : «أنت حبيب اللّه وحبيبي ، وخليل اللّه وخليلي ، وصفيّ اللّه وصفيّي ، وحجّة اللّه وحجّتي ، وباب اللّه وبابي» ؟!
أم كيف أصف من قال له رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم : «نفس عَلِيٍّ كَنَفْسِي ، وطاعته كطاعتي ، ومعصيته كمعصيتي» ؟!
أم كيف أصف من سبق الناس إلى الإيمان بربّه عز و جل وإلى رسوله ، وأجهدهم
اجتهادا في سبيله؟!
أم كيف أصف من وليُّه ولِيُّ اللّه وعدوّه عدوّ اللّه ؟! إليك أيّها السائل عنّي ! فلو كانت بحار الدنيا مدادا وأشجارها أقلاما ، وأهلها كُتّابا وكتبوا مناقبه وفضائله من يوم خلق اللّه تعالى الدنيا إلى أن يفنيها ما بلغوا عشر معشار ما آتاه اللّه تعالى !!
«ذَ لِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ»۵ .

1.المَيْن : الكذب.

2.في المصدر : «خير النساءِ».

3.الهزائز : الشدائد.

4.المسترشد : ۳۰۶ ـ ۳۰۷ بتفاوت يسير.

5.الحديد (۷۵) : ۲۱ ؛ الجمعة (۶۲) : ۴ ، وروى ذيل الحديث في أمالي الصدوق : ۶۵۲ ؛ بحار الأنوار ۴۰ : ۷/۱۷.


العقد النّضيد و الدّر الفريد
146

الحديث الرابع والمائة

۰.قال السيّد الإمام أبو البركات محمّد بن إسماعيل الحسيني المشهدي الرضوي رحمه الله :. أخبرنا الشيخ الإمام أبو محمّد [ الحسن ]بن أحمد بن [ محمّد ] السمرقندي المحدّث ، [ قال] : أخبرنا أبو بكر محمّد بن أبي عليّ الصفّار ، [ قال :] أخبرنا العزيز بن محمّد بن عبد ربّه الشيرازي بمصر ، [ قال : ]أخبرنا عمر بن محمّد بن عمر ، [ قال : ]أخبرنا عليّ بن محمّد الشيرواني ، [ قال : ]أخبرنا عليّ بن أحمد الوشاء الكوفي ، قال :
خرجتُ من الكوفة إلى خراسان ، فقالت لي ابنتي : يا أبه ، خُذ هذه الحلّة فبِعْها واشترِ لي بثمنها فيروزجا .
قال : فأخذتها وشددتها في بعض متاعي وقدمت «مرو» فنزلت في بعض الفنادق ، فإذا غلمان عليّ بن موسى الرضا[ عليه السلام ]جاؤوني وقالوا : نُرِيدُ حلّة نكفّن فيها بعض غلماننا ۱ ، فقلت : ما عندي ، فمضوا . ثمّ عادوا وقالوا : مولانا يقرأ عليك
السلام وهو يقول لك : «معك حلّة في السفط الفلاني التي دفعتها إليك ابنتك وقالت : اشترِ لي فيروزجا ، وهذا ثمنها!!» فدفعتها إليهم وقلت : واللّه لأسألنّه عن مسائل ، فإن أجابني عنها فهو هو . فكتبتها وغدوتُ إلى بابه فلم أصل إليه من كثرة الزحام ، فبينما أنا جالسٌ إذ خرج خادم إليَّ فقال لي : يا عليّ بن أحمد ، هذه جوابات مسائلك التي معك . فأخذتها منه ، فإذا هي جوابات مسائلي بعينها!! ۲

1.في المصدر : «علمائنا».

2.إعلام الورى : ۳۰۹ ، الفصل الثالث في ذكر دلالاته ومعجزاته ؛ كشف الغمّة ۳ : ۱۰۶.

  • نام منبع :
    العقد النّضيد و الدّر الفريد
    سایر پدیدآورندگان :
    الناطقي، علي اوسط
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1381
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 22700
صفحه از 243
پرینت  ارسال به