مع الكليني، و كتابه « الكافي » - الصفحه 194

أمّا الألقاب الدالّة عليه من حيث المكان فهي على نحوين، أحدهما دالّ عليه من حيث النشأة الاُولى والموطن الأوّل، وينحصر ذلك في لقبي: (الكُليني) نسبة الى قرية كُلَيْن الواقعة على مقربة من الريّ، و(الرازي) نسبة إلى (الريّ) والزاي فيها من زيادات النسب، وهي من النسب الشاذة التي لا تنطبق مع حروف أصل النسبة (الري) إذ يقتضي أن يكون لقب من ينتمي إلى الري هو (الريّي).
والآخر، انحصر في (البغدادي) نسبة إلى بغداد إذ اتّخذها مقرّاً له ومقاماً، حتى وافاه أجله المحتوم فيها. و(السلسلي) نسبة إلى درب السلسلة الواقع بباب الكوفة ببغداد، إذ اختار له مسكناً بهذا الدرب وبقي فيه حتى الأيام الأخيرة من حياته.
وأمّا ما يدلّ عليه من حيث المنزلة والجلالة، فهو لقب «ثقة الإسلام». وقد يكون أوّل من أَطلَقَ عليه هذا اللقب هو الشيخ بهاء الدين محمّد العاملي، وذلك في إجازته للمولى صفيّ الدين القمي في سنة (1015هـ ) حيث ورد في الإجازة ذكر كتاب الكافي مع توصيف مؤلّفه بـ (ثقة الإسلام) ۱ ، ولم أقف على من وصفه بذلك قبل هذا التاريخ.
ومهما يكن، فإن من أطْلق على الكُلينيّ لقب (ثقة الإسلام) كان موفّقاً في ذلك؛ لاتّفاق علماء الرجال من المسلمين على وثاقته، إذ لا يوجد في علم الرجال الإسلاميّ أدنى إشارة تمسّ بوثاقته، وهذا لم يكن مقصوراً على ما في كتب الرجال الشيعيّة فحسب، بل جميع من ترجم له من المسلمين قد اثنى عليه وأطراه كما سنشير إليه في محلّه، ممّا يدلّ بوضوح على أنّ لهذا المحدّث الشهير منزلةً بين العلماء لا يمسّها أحد بسوء إلّا كُذِّبَ وافتضحَ أمره كما نجده عند

1.بحار الأنوار ۱۰۹ : ۱۴۷.

الصفحه من 264