القضاء والقدر - الصفحه 6

ومِثلُهُ : (لا يُقضى‏ علَيهِم فَيَمُوتوا ولا يُخفّفُ عَنهُم مِن عَذابِها)۱ أي لا يَنزِلُ علَيهِمُ المَوتُ فَيَستَريحُوا، ومِثلُهُ في قِصّةِ سُليمانَ بنِ داوود : (فَلَمّا قَضَيْنا علَيهِ المَوتَ مادَلَّهُم عَلى‏ مَوتِهِ إلّا دابَّةُ الأرضِ تَأْكُلُ مِنسَأتَهُ)۲يَعني تعالى‏ لمّا أنزَلنا علَيهِ المَوتَ .۳

بيان :

قال الصدوق رضوان اللَّه تعالى‏ عليه : «اعتقادنا في القضاء والقدر قول الصادق عليه السلام لِزُرارَةَ حينَ سألَهُ فقالَ : ما تقولُ في القَضاءِ والقَدَرِ ؟ قالَ : أقولُ : إنَّ اللَّهَ عَزَّوجلَّ إذا جَمَعَ العِبادَ يَومَ القِيامَةِ سَألَهُم عَمّا عَهِدَ إلَيهِم ، ولم يَسألْهُم عَمّا قَضى‏ علَيهِم ، والكلامُ في القَدَر مَنهيٌّ عَنهُ كما قالَ أميرُ المؤمنينَ عليه السلام لرجُلٍ قد سألَهُ عنِ القَدَرِ : فقالَ : بَحرٌ عَميقٌ فلا تَلِجْهُ ، ثمّ سألَهُ ثانيَةً فقالَ : طَريقٌ مُظلِمٌ فلا تَسلُكْهُ ، ثُمّ سألَهُ ثالثَةً فقالَ : سِرُّ اللَّهِ فلا تَتَكَلَّفْهُ . وقالَ أميرُ المؤمنين عليه السلام في القَدَر : ألا إنَّ القَدَرَ سِرٌّ مِن سِرِّ اللَّهِ‏۴ ، وحِرزٌ مِن حِرزِ اللَّهِ ، مَرفوعٌ في حِجابِ اللَّهِ ، مَطوِيٌّ عَن خَلقِ اللَّهِ ، مَختومٌ بخاتَمِ اللَّهِ ، سابِقٌ في عِلمِ اللَّهِ ، وَضَعَ اللَّهُ عنِ العِبادِ عِلمَهُ ، ورَفَعَهُ فوقَ شَهاداتِهِم ، لأ نَّهُم لا يَنالُونَهُ بحَقيقَةِ الرَّبّانيَّةِ ، ولا بقُدرَةِ الصَّمَدانيّةِ ، ولا بعَظَمةِ النُّورانيَّةِ ، ولا بعِزَّةِ الوَحدانيَّةِ ، لأ نّهُ بَحرٌ زاخِرٌ مَوّاجٌ ، خالِصٌ للَّهِ‏ِ عَزَّوجلَّ ، عُمقُهُ ما بينَ السَّماءِ والأرضِ ، عَرضُهُ ما بينَ المَشرِقِ والمَغرِبِ ، أسوَدُ كاللَّيلِ الدامِسِ ، كثيرُ الحَيّاتِ والحِيتانِ ، تَعلُو مَرّةً وتَسفُلُ اُخرى‏ ، في قَعرِهِ شمسٌ تُضي‏ءُ ، لا يَنبَغي أن يَطَّلِعَ علَيها إلّا الواحِدُ الفَردُ ، فَمَن تَطَلَّعَ علَيها فَقَد ضادَّ اللَّهَ في حُكمِهِ ، ونازَعَهُ في سُلطانِهِ ، وكَشَفَ عن سِرِّهِ وسَترِهِ ، وباءَ بغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ، ومَأواهُ جَهنّمُ ، وبئسَ المَصيرُ .

1.فاطر : ۳۶ .

2.سبأ : ۱۴ .

3.بحار الأنوار : ۹۳/۱۸ - ۲۰ .

4.في الاعتقادات للشيخ الصدوق : «سرّ من سرّ اللَّه ، وستر من ستر اللَّه» . (كما في هامش بحار الأنوار).

الصفحه من 20