التَّقليد - الصفحه 6

أمّا مِن حَيثُ (أنّهُم) استَوَوا فإنَّ اللَّهَ قد ذَمَّ عَوامَّنا بتَقليدِهِم عُلَماءَهُم كما ذَمَّ عَوامَّهُم ، وأمّا مِن حَيثُ (أ نّهُمُ) افتَرَقُوا فلا .
قالَ : بَيِّنْ لي يابنَ رسولِ اللَّهِ . قالَ عليه السلام : إنَّ عَوامَّ اليَهودِ كانوا قد عَرَفُوا عُلَماءَهُم بالكَذِبِ الصُّراحِ ، وبأكلِ الحَرامِ والرّشاءِ ، وبتَغييرِ الأحكامِ عن واجِبِها بالشَّفاعاتِ والعِناياتِ والمُصانَعاتِ ، وعَرَفُوهُم بالتَّعَصُّبِ الشَّديدِ الذي يُفارِقُونَ بهِ أديانَهُم ، وأنّهُم إذا تَعَصَّبوا أزالُوا حُقوقَ مَن تَعَصَّبوا علَيهِ وأعطَوا ما لا يَستَحِقُّهُ مَن تَعَصَّبوا له مِن أموالِ غيرِهِم ، وظَلَمُوهُم مِن أجلِهِم، وعَرَفُوهُم يُقارِفُونَ المُحَرّماتِ ، واضطُرُّوا بمَعارِفِ قُلوبِهِم إلى‏ أنَّ مَن فَعَلَ ما يَفعَلُونَهُ فهُو فاسِقٌ لا يَجوزُ أن يَصدُقَ علَى اللَّهِ ولا علَى الوَسائطِ بينَ الخَلقِ وبينَ اللَّهِ، فلذلكَ ذَمَّهُم لَمّا قَلَّدُوا مَن قد عَرَفوهُ ، ومَن قد عَلِموا أنّهُ لا يَجوزُ قَبولُ خَبَرِهِ ولا تَصديقُهُ في حِكايَتِهِ ...
وكذلكَ عَوامُّ اُمَّتِنا إذا عَرَفُوا مِن فُقَهائهِمُ الفِسقَ الظاهِرَ والعَصَبيَّةَ الشَّديدَةَ والتَّكالُبَ على‏ حُطامِ الدنيا وحَرامِها... فَمَن قَلَّدَ مِن عَوامِّنا مِثلَ هؤلاءِ الفُقَهاءِ فَهُم مِثلُ اليَهودِ الذينَ ذَمَّهُمُ اللَّهُ بالتَّقليدِ لِفَسَقَةِ فُقَهائهِم .
فَأمّا مَن كانَ مِن الفُقَهاءِ صائناً لنفسِهِ حافِظاً لِدينِهِ مُخالِفاً على‏ هَواهُ مُطِيعاً لأمرِ مَولاهُ فلِلعَوامِّ أن يُقَلِّدُوهُ ، وذلكَ لا يكونُ إلّا بَعضَ فُقَهاءِ الشِّيعَةِ لا جَميعَهُم .۱

بحث عِلميّ وأخلاقيّ :

أكثر الاُمم الماضية قصّةً في القرآن اُمّة بني إسرائيل ، وأكثر الأنبياء ذِكراً فيه موسَى بن عمران عليه السلام ، فقد ذُكر اسمه في القرآن في مائةٍ وستّة وثلاثين موضعاً ضِعفَ ما ذُكر إبراهيم عليه السلام الذي هو أكثر الأنبياء ذِكراً بعد موسى‏ ، فقد ذُكر في تسعة وستين موضعاً على‏ ما قيل فيهما . والوجه الظاهر فيه أنّ الإسلام هو الدين الحنيف المَبنيُّ علَى

1.الاحتجاج : ۲/۵۱۰/۳۳۷ .

الصفحه من 10