أمّ المؤمنين الطاهرة خديجة بنت خُويلد - الصفحه 84

خويلد ، وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله (كذا) من مالي ، وهو واللَّه بعد هذا له نبأٌ عظيمٌ وخطرٌ جَلَلٌ جسيمٌ» ۱ .
فقال ابن عمّها ورقة بن نوفل : «الحمد للَّه الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضّلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل لذلك كلّه لا ينكر العرب فضلكم ، ولا يردّ أحدٌ من الناس فخركم وشرفكم ، ورغبتنا في الاتّصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا عليَّ معاشر قريش إنّي قد زوّجت خديجة بنت خويلد من محمّد بن عبداللَّه» .
وذكر المهر ورغب أبو طالب مصادقة عمّها على هذا ، فقال عمرو بن أسد عمّ خديجة : اشهدوا عليَّ معاشر قريش أنّي قد أنكحت محمّد بن عبداللَّه خديجة بنت خويلد ، فتهلّل وجه أبي طالب فرحاً وقال : «الحمد للَّه الذي أذْهَبَ عنّا الكُرَبَ ودفع عنّا الغمومَ» .
وجاء في البحار : ونَثَرَ حمزة بن عبد المطّلب دراهم على مَنْ حَضَرَ مجلس الخطبة . وخرجت جوارٍ من الدار فنثرنَ على من حضرن ، وأُلقي على الناس طيبٌ لا يعرفون من طيّبهم به حتّى أنّ الرجل يقول لصاحبه : من أين لك ؟ فلا يدري به غير أنّه يقول هذا طيب محمّد .
وبعد هذا ظهر الحديث بأنّ الملقي عليهم جبرئيل عليه السلام .
فقال أبو جهل : رأينا الرجال يُمْهِرون النساء ، ولم نسمعْ بأنّ النساء يُمْهِرن الرجالَ!
فصاح به أبو طالب ، يالكع الرجال ، مثل محمّد يُعطى ويُهدى إليه ، ومثلُك يَهدي فلا يُقبلُ!
فقال عبداللَّه بن غنم :

هنيئاً مريئاً يا خديجةُ قد جرى
لكِ الطيرُ فيما كان منك بأَسْعدِ

تزوّجته خير البريّة كلّها
ومن ذا الذي في الناس مثل محمّدِ

وبشّر به البرّان عيسى بن مريم
وموسى بن عمران فيا قرب موعدِ

أقرّتْ به الكتّاب قِدماً بأنّه
رسولٌ من البطحاء هادٍ ومهتدِ

ثمّ قالت خديجة لابن عمّها ورقة : أعلنْ بأنّ جميع ما تحت يدي من مالٍ وعبيدٍ فقد وهبتُه لمحمّد يتصرّف فيه كيف يشاء .
فوقفَ ورقة بين زمزم والمقام ، ونادى بأعلى صوته : يا معاشر العربِ إنّ خديجة تُشهدكم على أنّها وهبتْ لمحمّد نفسها ومالها وعبيدها ، وجميع ما تملكه يمينها إجلالاً له وإعظاماً لمقامه ورغبةً فيه .
وأنفذت إلى أبي طالب غنماً كثيراً ودنانيراً ودراهم وثياباً وطيباً ليعمل

1.وقد ذكر الخطبة بألفاظ مقاربة في الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم ج ۱ ص ۱۱۴ نقلاً عن الكافي ج ۵ ص ۳۷۴ - ۳۷۵ ، البحار ج ۱۶ ص ۱۴ عنه وص ۱۶ عن كتاب من لا يحضره الفقيه ص ۴۱۳ وفي ص ۵ عن شرف المصطفى والكشّاف وربيع الأبرار والإبانة لابن بطّة والسيرة للجويني عن الحسن والواقدي وأبي صالح والعتبي ، والمناقب ج ص ۴۲ والسيرة الحلبية ج ۱ ص ۱۳۹ ، تاريخ اليعقوبي ج ۲ ص ۲۰ ، والأوائل لأبي هلال العسكري ج ۱ ص ۱۶۲ وغير ذلك(الشطري)

الصفحه من 116