التقيّة في القرآن و السنّة بين السائل و المجيب - الصفحه 55

الباقر(عليه السلام) يؤكّد نفس الأمر بصراحة كاملة .
على أية حال! إن تدبّرت في القرآن لسوف ترى أنّ كتاب الله يعرض التقيّة بين أعيننا في أحسن صورة ، وأجمل شكل ، فإنّه سبحانه وتعالى يقول: وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ1  .
وهذا يدلّ على أنّ ذلك الكتمان ـ كتمان الإيمان ـ كان مرضيّاً لله سبحانه وتعالى ، لأنّه كان أنفع للدين وأحمى لموسى (عليه السلام) .
ونرى كذلك في هذه الأُمّة أنّ سيّدنا أبا طالب (عليه السلام) كان يكتمُ إيمانه ، لأنّه كان أنفع للإسلام وأحمى للنبيّ (صلى الله عليه وآله) .
وأنّ أبا طالب (عليه السلام) استطاع أن يحامي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ويحفظه من شرّ الأعداء ، لأنّه لم يعلن إسلامه .
وكذلك ذلك المؤمن من آل فرعون نجح في صيانة حياة موسى (عليه السلام) لأنّه لم يعلن إسلامه .
على أية حال! نرى أنّ الله عزّوجلّ كان راضياً به وبإيمانه المختفي تحت ستار التقيّة ، حتّى أنّه تعالى أدخله في زمرة الصدّيقين ، كما قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): الصدّيقون ثلاثة: حبيب النجّار مؤمن آل ياسين الذي قال: ياقوم اتّبعوا المرسلين ، وحزقيل مؤمن آل فرعون الذي قال: أتقتلون رجلا أن يقول ربّي الله . وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم» أخرجه البخاري عن ابن عباس ، وأحمد عن أبي ليلى 2  .
والمسألة لاتنتهي بمؤمن آل فرعون ، فإنّ البيضاوي يخبرنا أنّ النبيّ موسى(عليه السلام)بنفسه كان يعيش مع فرعون بالتقيّة ، فإنّه يصرّح بذلك ذيل آية: قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ

1.سورة المؤمن آية ۲۸ .

2.عبيدالله الأمرتسري ، أرجح المطالب ، الطبعة الثانية ص۲۳ .

الصفحه من 63