المصطلح البلاغي : (الاستخدام) و تطبيقاته في التراث الإسلامي - الصفحه 108

وأورد بعد ذلك قول بعض العرب :

إذا نزلَ السماءُ بِأَرضِ قوم *** رَعَيْناهُ وإِنْ كانُوا غِضاباً
وشرحه بقوله : فـ (السماء) تحتمل معنيين : المطرَ ، والنباتَ ، وكلاهما مجازيّ ; فاستخدم المعنيين بقوله : «إذا نزل السماء» يعني المطر ، و«رعيناه» يعني النبات .
ومن هذا القبيل ما نقل عن أبي تمّام ، من البحر الكامل :

وإذا مشتْ تركتْ بصدركَ ضِعْفَ ***  ما بِحُليّها من شدّةِ الوَسواسِ۱
و«الحُلِيّ» بضمّ الحاء وكسرها : جمع حلى ، وقد قُرئ بهما جميعاً في قوله تعالى : مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً۲  .
و(الوسواس) أصله كلُّ صوت خفيٍّ ، فيقال : بين القوم وسوسة; إذا كانوا يتنازعون قولاً خفيّاً ، وكذلك يقال لما يعرض في الصدر من حديث النفس : وسوسةٌ وسواسٌ ، ووسوسةُ الشيطان : تخليطٌ يُلقيه في قلب الإنسان ۳  .
وبيّن ابنُ منقذ جريان الاستخدام في هذا البيت بقوله : إنّ (الوسواس) يحتمل معنيين ، وهو : بلابل الصدر ، وصوت الحلي ، فاستخدم المعنيين بقرينة : «تركتْ بصدرك» ، يعني البلابل ، وبقرينة : «ضعف ما بحليّها» يعني صوت الحليّ .

ملاحظتان:

الملاحظة الاُولى : هذا ما التزمه ابن منقذ في تعريف الاستخدام ، وقد

1.القصيدة مشهورة، مطلعها:«غير مجد في ملّتي واعتقادي» .

2.سورة الأعراف :۱۴۸.

3.(شرح ديوان أبي تمام) للخطيب التبريزي ۱ : ۳۵۹ تحقيق راجي الأسمر .

الصفحه من 142