143
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

و«الهديّة» : فعيلة بمعنى مفعولةٍ أي مُهداة ، و«السائل» هنا : المستطعم ، وإنّما كان السائل هديّة لأنّه إذا أخذ الصدقة يستحقُّ معطيها الثواب فكان هو سببا لثوابه ، فنعمت الهديّة ۱ ما يجلب الثواب والأجر العظيم .

۱۱۱.تُحْفَةُ المُؤْمِنِ المَوتُ . ۲

إنّما يكون الموت تحفةً للمؤمن لأنّه يصير كفّارة لذنوبه ، وينجو من الشدائد والتكليفات ووساوس الشيطان وصحبة الأشرار والبليّات ، ويصلُ إلى الرضوان والغفران ؛ كما قال عليٌّ عليه السلام عند الوفاة : «فزتُ وربّ الكعبة» . ۳ وكان يقول : «لا اُبالي أ وَقَعَ الموتُ عليّ ، أم وقعتُ على الموت» . ۴
وكيف لا يكون الموت تحفةً للمؤمن ۵ وهو الذي يوصله إلى جوار اللّه ودار ثوابه؟ والحكمةُ اقتضت أن يكون بين زمان التكليف وزمان الجزاء مدَّة متراخية ؛ لئلاّ يؤدّي إلى الإلجاء ؛ لأنّ النفع العظيم إذا كان مقارناً للفعل ألجأ الفاعل إلى ما اُمر به ، وكذلك المضرّة العظيمة ، والمكلّف يجب أن يكون مخيّراً متردّد الدواعي ؛ ليفعل ما يفعله باختياره ، فإخراج مَن في المشقّة إلى الراحة من أعظم التحف وأنفعها ، وأصل التحف طُرَفُ الفواكه التي يتهاداها الناس بينهم ، فجعل الموت الوارد على المؤمن كالتحفة المُهداة إليه ؛ لأنّه يُسَرُّ بتعجيل مماته .

1.في المخطوطة : «الهداية»، وهو تصحيف واضح.

2.مسند الشهاب، ج ۱ ، ص ۱۲۰ ، ح ۱۵۰ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۴ ، ص ۳۱۹ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۵۰۱ ، ح ۳۲۵۷ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱۵ ، ص ۵۴۶ ، ح ۴۲۱۱۰ . الدعوات ، ص ۲۳۵ ، ح ۶۴۸ ؛ المجازات النبوية ، ص ۳۲۷ ، ح ۲۵۲ ؛ بحارالأنوار ، ج ۵۸ ، ص ۹۰ ؛ معارج اليقين ، ص ۲۱۸ ، ح ۵۵۴ .

3.خصائص الأئمّة ، ص ۶۳ ، المناقب لإبن شهر آشوب ، ج ۱ ، ص ۳۸۵ و ج ۳، ص ۹۵ ؛ الطرائف ، ج ۲ ، ص ۵۱۹ .

4.راجع : مقاتل الطالبيّين ، ص ۲۱ ؛ بحارالأنوار ، ج ۴۲ ، ص ۲۳۳ ؛ نهج السعادة ، ج ۲ ، ص ۶۵۹ .

5.في المخطوطة: «للموت»، وهو من سهو القلم.


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
142

جملة عمله ، و«من» للتبعيض ، وإذا حُمل «خير» على التفضيل كان المعنى على ما ذكرناه في الرواية الاُخرى ، ولا يلزم أن يكون نيّة الصلاة خيراً من الصلاة ، ولا نيّة الحجّ خيراً من الحجّ ، وكذا في سائر العبادات ؛ لأنّ نيّة الصلاة والحجِّ وكلّ عبادة إنّما تكون خيراً من عملها إذا كان العمل خالياً عن النيّة ؛ لأنّ صورة الصلاة ونحوها لا يكون شيئاً بدون النيّة . ۱
وروي سبب في هذا الخبر ؛ وهو أنّ النبيَّ عليه السلام مرّ بماء وعليه جسر قد خرِب ، فقال : «من عمَره فله من الأجر كذا» ، فقال صحابيٌّ : أنا أعمُره . فتبادر إليه يهوديٌ فعمره ، فقيل ذلك للنبيّ ، فقال : «نيّة المؤمن ـ أي هذا المؤمن ـ خيرٌ من عمل ذلك اليهودي» . ۲

۱۱۰.هَدِيَّةُ اللّهِ إلَى المُؤْمِنِ السَّائِلُ عَلى بَابِهِ . ۳

يقول : اغتنموا سائلاً يقوم على باب داركم ؛ فإنّه هديَّة من اللّه ، فاقبلوها ولا تردُّوها ؛ فإنّ ردّ هدية الكرام لؤمٌ .
ورأى عليٌّ عليه السلام سائلاً يسأل ، فقال لأصحابه : «هل تدرون ما يقول» ؟ قالوا : لا ، قال : «يقول : هل من أحدٍ يحمّلني شيئاً أحمله إلى القيامة ، وأردُّه إليه في موقف الحساب ، وأكفيه مؤونة حمله؟ وإنّ اللّه يقول : يا ابن آدم أنت عبدي ، والمال مالي ، وقد أعطيتك جملةً منه ، فاشْرِ نفسك منّي ببعضها» . ۴
وقال رجل للنبيّ صلى الله عليه و آله : ما لنا نكره الموت؟!
قال له : «قَدِّمْ مالك ؛ فإنّ قلب كلّ امرئ عند ماله» . ۵

1.نقل أبو الرضا الراوندي في ضوء الشهاب هذا الحمل والرأي عن بعض العلماء في مذاكرته معه.

2.ضوء الشهاب (المخطوط)؛ الدر المنثور من المأثور و غير المأثور، ج ۱، ص ۳۵۷.

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۲۰ ، ح ۱۴۹ ؛ التمهيد لابن عبد البرّ ، ج ۵ ، ص ۲۹۸ ؛ ذكر أخبار أصبهان ، ج ۲ ، ص ۱۳۵ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۷۱۲ ، ح ۹۵۸۸ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۳۶۳ ، ح ۱۶۰۷۸ . جامع الأخبار ، ص ۸۵ ؛ معارج اليقين في اُصول الدين للسبزواري ، ص ۲۱۸ ، ح ۵۵۳ .

4.راجع : إرشاد القلوب ، ج ۱ ، ص ۵۰ .

5.الأمالي للسيّد المرتضى ، ج ۱ ، ص ۱۹۸ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۵۲۴ ؛ التحفة السنيّة للسيّد الجزائري ، ص ۵۸ . وراجع أيضا : الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۵۸ ، ح ۲۰ ؛ الاعتقادات للصدوق ، ص ۵۷ .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 215994
الصفحه من 627
طباعه  ارسل الي