جملة عمله ، و«من» للتبعيض ، وإذا حُمل «خير» على التفضيل كان المعنى على ما ذكرناه في الرواية الاُخرى ، ولا يلزم أن يكون نيّة الصلاة خيراً من الصلاة ، ولا نيّة الحجّ خيراً من الحجّ ، وكذا في سائر العبادات ؛ لأنّ نيّة الصلاة والحجِّ وكلّ عبادة إنّما تكون خيراً من عملها إذا كان العمل خالياً عن النيّة ؛ لأنّ صورة الصلاة ونحوها لا يكون شيئاً بدون النيّة . ۱
وروي سبب في هذا الخبر ؛ وهو أنّ النبيَّ عليه السلام مرّ بماء وعليه جسر قد خرِب ، فقال : «من عمَره فله من الأجر كذا» ، فقال صحابيٌّ : أنا أعمُره . فتبادر إليه يهوديٌ فعمره ، فقيل ذلك للنبيّ ، فقال : «نيّة المؤمن ـ أي هذا المؤمن ـ خيرٌ من عمل ذلك اليهودي» . ۲
۱۱۰.هَدِيَّةُ اللّهِ إلَى المُؤْمِنِ السَّائِلُ عَلى بَابِهِ . ۳
يقول : اغتنموا سائلاً يقوم على باب داركم ؛ فإنّه هديَّة من اللّه ، فاقبلوها ولا تردُّوها ؛ فإنّ ردّ هدية الكرام لؤمٌ .
ورأى عليٌّ عليه السلام سائلاً يسأل ، فقال لأصحابه : «هل تدرون ما يقول» ؟ قالوا : لا ، قال : «يقول : هل من أحدٍ يحمّلني شيئاً أحمله إلى القيامة ، وأردُّه إليه في موقف الحساب ، وأكفيه مؤونة حمله؟ وإنّ اللّه يقول : يا ابن آدم أنت عبدي ، والمال مالي ، وقد أعطيتك جملةً منه ، فاشْرِ نفسك منّي ببعضها» . ۴
وقال رجل للنبيّ صلى الله عليه و آله : ما لنا نكره الموت؟!
قال له : «قَدِّمْ مالك ؛ فإنّ قلب كلّ امرئ عند ماله» . ۵
1.نقل أبو الرضا الراوندي في ضوء الشهاب هذا الحمل والرأي عن بعض العلماء في مذاكرته معه.
2.ضوء الشهاب (المخطوط)؛ الدر المنثور من المأثور و غير المأثور، ج ۱، ص ۳۵۷.
3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۲۰ ، ح ۱۴۹ ؛ التمهيد لابن عبد البرّ ، ج ۵ ، ص ۲۹۸ ؛ ذكر أخبار أصبهان ، ج ۲ ، ص ۱۳۵ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۷۱۲ ، ح ۹۵۸۸ ؛ كنزالعمّال ، ج ۶ ، ص ۳۶۳ ، ح ۱۶۰۷۸ . جامع الأخبار ، ص ۸۵ ؛ معارج اليقين في اُصول الدين للسبزواري ، ص ۲۱۸ ، ح ۵۵۳ .
4.راجع : إرشاد القلوب ، ج ۱ ، ص ۵۰ .
5.الأمالي للسيّد المرتضى ، ج ۱ ، ص ۱۹۸ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۵۲۴ ؛ التحفة السنيّة للسيّد الجزائري ، ص ۵۸ . وراجع أيضا : الكافي ، ج ۲ ، ص ۴۵۸ ، ح ۲۰ ؛ الاعتقادات للصدوق ، ص ۵۷ .