147
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

الاُمور ، والمراد : الترثّي بذلك الزيّ والتقنُّع به والتصبُّر عليه وأن لا يبالي باختلال حاله ـ استحقاراً للدنيا وإقبالاً على الآخرة ـ بعضُ الإيمان . و«مِن» في الأخبار الثلاثة للتبعيض ، وقيل : «الغيرة» : أن لا يأتي المؤمن ما حرّم اللّه عليه .
و«الحياء» : غريزة وطبع ، والمستحيي ينقطع عن المعاصي ، وخَلقُ الثياب ملابس أهل الزهد فيها استكانة . وتمام الخبر : «والمِذاء من النفاق» ، و«المِذاء» : أن يجمع بين الرَّجُل والمرأة ليتماذى كلّ واحدٍ منهما ، والمماذي : الذي يقود على أهله . ۱

۱۱۶.الصَّبْرُ نِصْفُ الإِيمَانِ ، وَاليَقِينُ الإِيمانُ كُلُّهُ . ۲

كأنّه عليه السلام جعل الإيمان شُعَباً من الخصال الحميدة عقلاً وشرعاً كما قال : «إنّ الإسلام نيّف وسبعين شعبةً ؛ أعلاها شهادة أن لا إله إلّا اللّه ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق»۳ ، فجعل الصبر نصفه واليقين الإيمان كلّه ؛ لأنّ اليقين علمٌ يحصل بعد الشكّ ، ولهذا لا يجري على اللّه تعالى ، وهذا الحديث موافق للاُصول ؛ لأنّ الإيمان هو المعارف والعلوم ، ومرجعه إلى اعتقاداتٍ علمية ، والرجُل إذا حصّل علوم الدين العقلية والشرعية فقد استكمل هو الإيمان ، وإنّما تُسمّى هذه العلوم يقيناً لأنّه علم يحصل بعد الشكّ ؛ لأنّ هذه العلوم لا تحصل إلّا بالنظر ، وحالة الناظر حالة الشاكّ المجوِّز المتردّد بين إثبات الشيء ونفيه ؛ أ لا ترى أنّ الناظر في حدوث الأجسام يجوّز في حال النظر حدوثها وقدمها ، فإذا نظر وعلم ما يؤدّي إليه قدمها من البطلان والإحالة علم أنّها محدَثة ؛ لعدم الواسطة بين الحدوث والقدم . وأقلُّ اليقين إذا وصل إلى القلب ملأه نوراً ، وينفي عنه كلّ ريبٍ ، ويمتلئ به شكراً ومن اللّه خوفاً .

1.اُنظر : العين ، ج ۸ ، ص ۲۰۴ ؛ لسان العرب ، ج ۱۵ ، ص ۲۷۵ (مذي) .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۲۶ ، ح ۱۵۸ ؛ المعجم الكبير ، ج ۹ ، ص ۱۰۴ ؛ تاريخ بغداد ، ج ۱۳ ، ص ۲۲۷ ، ح ۷۱۹۷ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۱۱۳ ، ح ۵۱۳۰ . مجموعة ورّام ، ج ۱ ، ص ۴۰ ؛ إرشاد القلوب ، ج ۱ ، ص ۱۲۷ ؛ تفسير مجمع البيان ، ج ۸ ، ص ۹۴ .

3.عوالي اللئالي ، ج ۱ ، ص ۴۳۱ ، ح ۱۳۰ ؛ جامع الأخبار ، ص ۳۶ ؛ مشكاة الأنوار ، ص ۴۰ (مع اختلاف يسير في كلّها) .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
146

لإنسان كان عاقلاً مكلَّفاً ، وسمّي به لأنّه يمنع صاحبه إذا استعمله عن كثير من المفاسد ، كما أنّ العِقال يمنع الناقة عن السير ، ويُعتقل به العلوم المكتسبة ، والدليل ما يدلّك على مدلولٍ . وجعل العقل دليله لأنّه دالٌّ على ما يجب عليه وعلى صلاحه وفساده ، والعمل عمل المؤمن ووقوعُه بقصده واختياره ، وهو قائد ؛ إن كان خيراً يقوده إلى الجنّة ، وإن كان شرّاً يقوده إلى النار . و«الصبر» ۱ هو حبس النفس على ما تكرهه .

۱۱۴.الغِيرَةُ مِنَ الإِيمَانِ . ۲

۱۱۵.البَذَاذَةُ مِنَ الإِيمَانِ . ۳

جعَلَ الغيرة وهي الحميّة من الإيمان إيذاناً بأنّ مَن لا غيرة له كان إيمانه ناقصاً ؛ مبالغةً في وصف الغيرة بأنّها بعض الإيمان . وجَعَلَ الحياء أيضاً بعض الإيمان ؛ لمناسبته له في أنّه يمنع مِن المعاصي كما يمنع منها الإيمان ، ولأنّ حظّ الحياء من الإيمان حظّ جليل ، ومنزلته منزلة جليلة ؛ فإنّ المرء إذا كان حييّاً امتنع من المنكرات والفواحش حياءً من الناس إن لم يتركها خوفاً من اللّه ، فهو معينٌ للمؤمن على إيمانه .
و«البذاذة» أيضاً بعض الإيمان ، وهي رثاثة الحال ، ورجلٌ بذّ الهيئة إذا كان خَلقَ الثيابِ ، وبَثَّه وبَذَّه إذا فرّقه ، والبذاذة مصدر ۴ ، فالفقير متفرّق الأحوال غير ملتئم

1.في المخطوطة : + «و» ، والظاهر أنّه زائد .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۲۳ ، ح ۱۵۴ ؛ السنن الكبرى ، ج ۱۰ ، ص ۲۲۶ ؛ المصنّف ، ج ۱۰ ، ص ۴۰۹ ، ح ۱۹۵۲۱ ؛ الجامع الصغير ، ج ۲ ، ص ۲۰۷ ، ح ۵۸۲۴ . الفقيه ، ج ۳ ، ص ۴۴۴ ، ح ۴۵۴۱ ؛ الجعفريّات ، ص ۹۵ ؛ دعائم الإسلام ، ج ۲ ، ص ۲۱۷ ، ح ۸۰۴ ؛ النوادر للراوندي ، ص ۱۷۹ .

3.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۲۵ ، ح ۱۵۷ ؛ سنن إبن ماجة ، ج ۲ ، ص ۱۳۷۹ ، ح ۴۱۱۸ ؛ سنن أبي داود ، ج ۲ ، ص ۲۸۱ ، ح ۴۱۶۱ ؛ المستدرك للحاكم ، ج ۱ ، ص ۹ ؛ مسند الحميدي ، ص ۱۷۳ ، ح ۳۵۷ . بحارالأنوار ، ج ۷۰ ، ص ۲۰۷ ؛ مجمع البحرين ، ج ۱ ، ص ۱۷۰ .

4.اُنظر : العين ، ج ۸ ، ص ۱۷۸ ؛ لسان العرب ، ج ۳ ، ص ۴۷۷ ؛ مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۱۷۷ (بذذ). وجاء في لسان العرب (مذى) : «والمِذاء : أن تَجمع بين رجال ونساء وتَتركهم يلاعب بعضهم بعضا» .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 215900
الصفحه من 627
طباعه  ارسل الي