149
ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار

حجازيٌّ ، والحكمة حجازية ؛ لأنّ النبيَّ صلى الله عليه و آله ظهر بالحجاز ، وأظهر الإسلام والحكمة بها ، ونبّه الناس على الإيمان فيها أوّلاً .
وقيل : قال النبيُّ عليه السلام هذا الحديثَ وهو بتبوك ـ وهو بين مكّة والمدينة ـ فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكّة والمدينة . ۱
وقيل : لَمَّا كتب رسول اللّه إلى كسرى :
«من محمّد رسول اللّه إلى كسرى : أمّا بعد : فأسلِمْ تَسلم» ، مَزَّقَ كتاب رسول اللّه ، وبعث مَن يستنهض محمّداً إليه ، فإن لم يجئ يَخرج رسول كسرى إلى ملك غسّان في ناحية اليمن ليجيء بعسكره إلى المدينة ويُزعج ۲ محمّداً ، فلمّا دخل رسول كسرى على رسول اللّه صلى الله عليه و آله قال عليه السلام : «قُتل كسرى البارحة ؛ قتله ابنه ، وكان من قصَّته كيت وكيت» ، فكتب رسوله ذلك ، وخرج إلى ملك كسرى غسّان ، وحكى عنده ما ذكره رسول اللّه من حال كسرى ، فقال ملك غسّان : أصطبر مقدار ما يصل خبر كسرى إلينا ، فإن لم يكن على ما قال محمّد بَعثتُ من يُزعجه ، وإن كان على ما ذُكر فلا يكون إلّا بوحي من اللّه ، وليس بيننا وبين الحقّ خصومة ؛ نؤمن به . فلمّا وصل الخبر بهلاك كسرى في الليلة التي قال رسول اللّه على الهيئة التي ذكرها ، أسلم ملك غسّان ثمّ أهل اليمن كلّهم ، فسمع بذلك رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فقال : «الإيمان يمانٍ ، والحكمة يمانية» ، ۳ ولا يُستبعد أن يكون هذا أصحّ .
وروي أنّه لمّا نزلت : « إِذَا جَآءَ نَصْرُ اللَّهِ »۴ قال النبيُّ صلى الله عليه و آله : «اللّه أكبر! جاء نصر اللّه والفتح ، وجاء أهل اليمن رقيقةً قلوبهم ليِّنةً طاعتهم ؛ الإيمان يمان ، والحكمة يمانيَّة»۵ ،

1.راجع : شرح مسلم ، ج ۲ ، ص ۳۲ ؛ تحفة الأحوذي ، ج ۶ ، ص ۴۲۳ ؛ عمدة القاري ، ج ۱۵ ، ص ۱۹۲ .

2.الإزعاج : نقيض الإقرار ، تقول : أزعجتُه من بلاده فشَخَصَ . «لسان العرب ، ج ۱ ، ص ۲۱۷» .

3.راجع : المناقب ، ج ۱ ، ص ۷۰ ؛ مسند أحمد ، ج ۶ ، ص ۳۸۹ ؛ الطبقات الكبرى ، ج ۱ ، ص ۲۶۵ ؛ تاريخ اليعقوبي ، ج ۲ ، ص ۶۷ .

4.النصر (۱۱۰) : ۱ .

5.صحيح إبن حبّان ، ج ۱۶ ، ص ۲۸۷ ؛ تخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ، ج ۴ ، ص ۳۱۵ ؛ تفسير نور الثقلين ، ج ۵ ، ص ۶۹۱ .


ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
148

و«اليقين» هو رفع الشكّ عن الخاطر ، وما يزيل الشكَّ يكون كلّه إيماناً وتصديقا .
وقيل : «الصبر» هو الثبات على الكتاب والسنّة ، وهذا إشارة إلى العلوم الشرعية ، وهي والعلوم العقلية توأمتان .

۱۱۷.الإِيمَانُ نِصْفَانِ : نِصْفٌ شُكْرٌ ، وَنِصْفٌ صَبْرٌ . ۱

أي خصال الإيمان شكرٌ أو صبرٌ ، أو حلية الإيمان وزينته ولباسُه هذا . قَسَمَ عليه عليه السلام خصال الإيمان من وجهٍ آخر وما يكون الإنسان به مستكمل الإيمان فقال : الإيمان نصفان وهما الشكر والصبر ؛ لأنّ حال المكلَّف لا يخلو من أمرين : إمّا أن يكون في النعمة استعمل الشكر ، وإمّا أن يكون في الشدّة استعمل الصبر ، فإذا أخذ بطرفَي الخصلتين فقد استكمل الإيمان وخصاله الحميدة ، وقد بيّنّا أنّ «الشكر» اعترافٌ بالنعم مع ضربٍ من التعظيم ، و«الصبر» : حبس النفس [على] ما تكرهه .

۱۱۸.الإِيمَانُ يَمانٍ ، وَالحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ . ۲

يريد بذلك الثناء على أهل اليَمَن ؛ لمبادرتهم إلى الدعوة عند أن وجدوا المعجز ، وإسراعِهم إلى الإيمان عند التنبيه .
وقيل : في معنى الخبر وجوه :
أحدها : أنّ المراد بنسبة الإيمان والحكمة إلى اليَمَن مدحُ أهلها ، والمعنى أنّ كلّ يمنيٍّ مؤمن حكيم على طريق المبالغة حتّى كأنّ الإيمان والحكمة خرجا من اليمن .
والثاني : أنَّه أراد باليمن الحجاز ؛ لأنّ الحجاز من جملة اليمن ، والمراد : الإيمان

1.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۲۷ ، ح ۱۵۹ ؛ الجامع الصغير ، ج ۱ ، ص ۴۷۹ ، ح ۳۱۰۶ ؛ كنزالعمّال ، ج ۱ ، ص ۳۹ ، ح ۶۱ (مع اختلاف يسير فيهما) ؛ الفتح السماوي ، ج ۳ ، ص ۹۸۲ ، ح ۸۷۱ . تحف العقول ، ص ۴۸ (مع اختلاف يسير فيه) ؛ جامع الأخبار ، ص ۳۵ ؛ بحارالأنوار ، ج ۵۷ ، ص ۲۶ .

2.مسند الشهاب ، ج ۱ ، ص ۱۲۸ و ۱۲۹ ، ح ۱۶۰ ـ ۱۶۳ ؛ كتاب الاُمّ للشافعي ، ج ۱ ، ص ۱۸۹ ؛ مسند أحمد ، ج ۲ ، ص ۲۳۵ و ۲۵۲ و ۲۵۸ ومواضع اُخرى ؛ سنن الدارمي ، ج ۱ ، ص ۳۷ ؛ صحيح البخاري ، ج ۴ ، ص ۱۵۴ . الكافي ، ج ۸ ، ص ۷۰ ، ح ۲۷ (وفيه مع اختلاف يسير) ؛ المجازات النبويّة ، ص ۳۳۸ ، ح ۲۶۳ ؛ بحارالأنوار ، ج ۲۲ ، ص ۱۳۶ ، ح ۲۲۰ (عن الكافي ) .

  • نام منبع :
    ضياء الشّهاب في شرح شِهاب الأخبار
    المؤلف :
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق: سليماني الاشتياني،مهدي
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    سازمان چاپ و نشر دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 215877
الصفحه من 627
طباعه  ارسل الي