277
موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6

مراسم العزاء في بغداد

بعد مرسوم معزّ الدولة، تحوّل العزاء في بغداد إلى شعائر رسميّة كانت تقام سنويّاً في كلّ حارة وزقاق بحضور الشيعة . ۱ ولكنّ المجتمع السنّي الساكن في حاضرة الخلافة لم يكن يستسيغ هذه الظاهرة ، ولذلك كانت تقع بعض المصادمات أحياناً . ۲
ومع ضعف الدولة البويهيّة ، ازدادت المعارضة وكثرت الصدامات، بحيث لم يكن بمقدور الدولة أحياناً أن تفعل شيئاً من أجل إحلال الهدوء. وفي العقد الأخير من دولة البويهيّين ـ والتي كانت تحكم في بغداد ـ كانت الدولة تطلب من الشيعة أحياناً ألّا يخرجوا للعزاء في يوم عاشوراء من أجل الحيلولة دون حدوث الاضطرابات وسفك الدماء، بل إنّهم كانوا أحياناً يعطّلون مراسم العزاء ۳ . وقد جاءت تفاصيل هذه النزاعات في المصادر التاريخيّة ومن جملتها المنتظم لابن الجوزي ، إلّا أنّ الشيعة واصلوا إقامة العزاء رغم كلّ المشاكل حتّى سقوط البويهيّين ومجيء الدولة السلجوقيّة عام 447ه . ق ، وقد منع السلاجقة رفع أيّ شعار شيعي، بما في ذلك إقامة مراسم العزاء. ومع كلّ ذلك، فإنّ هناك رواية تدلّ على أنّ شيعة بغداد أقاموا شعائر العزاء في يوم عاشوراء من عام 458 ه . ق . ۴
إنّ كلّ ذلك يدلّ على أنّ الشيعة كانوا يحافظون على مسيرة العزاء في عاشوراء ، وإحياء ذكرى حادثة كربلاء بفضل التعاليم القيّمة لأئمّتهم، باعتبار هذه الحادثة حركة فكريّة، ثوريّة ودينيّة، وكانوا يستغلّون كلّ فرصة من أجل إقامتها .
ومن المناسب الآن أن ندرج في نهاية هذا الفصل، الكلام القيّم لمعلّم الاُمّة الشيخ المفيد، العالم الشيعيّ الكبير في ذلك العصر ، الذي له فضل كبير على الشيعة في تدوين وترسيم المعتقدات الشيعيّة في عصر الغيبة، حيث يقول حول يوم عاشوراء :
في اليوم العاشر منه ]شهر المحرّم [قُتل سيّدنا أبو عبد اللّه الحسين بن عليّ عليه السلام من سنة إحدى وستّين من الهجرة، وهو يوم يتجدّد فيه أحزان محمّد وآل محمّد وشيعتهم. وجاءت الرواية عن الصادقين عليهم السلام باجتناب الملاذ فيه، وإقامة سنن المصائب، والإمساك عن الطعام والشراب إلى أن تزول الشمس، والتغذّي بعد ذلك بما يتغذّى به أصحاب أهل المصائب، كالألبان وما أشبهها دون الملذّ من الطعام والشراب . ۵

1.في المنتظم ـ في ذكر حوادث سنة ۳۶۱ ه . ق ـ : إنّه عمل ببغداد ما قد صار الرسم به جارياً في كلّ يوم عاشوراء، من غلق الأسواق وتعطيل البيع والشراء وتعليق المسوح (المنتظم : ج ۱۴ ص ۲۱۰) . وفي البداية والنهاية: قد أسرف الرافضة في دولة بني بويه في حدود الأربعمئة وما حولها، فكانت الدبادب تُضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويُذرّ الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتُعلّق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثير منهم لا يشرب الماء ليلتئذ؛ موافقة للحسين لأنّه قُتل عطشاناً، ثمّ تخرج النساء حاسرات عن وجههنّ ينحن ويلطمن وجوههنّ وصدورهنّ، حافيات في الأسواق (البداية والنهاية : ج ۸ ص ۲۰۲) .

2.في الكامل في التاريخ والبداية والنهاية ـ في ذكر حوادث سنة خمسين وثلاثمئة ـ : في هذه السنة، عاشر المحرّم، اُغلقت الأسواق ببغداد يوم عاشوراء ، وفعل الناس ما تقدّم ذكره، فثارت فتنة عظيمة بين الشيعة والسنّة، جُرح فيها كثير ونُهبت الأموال (الكامل في التاريخ : ج ۵ ص ۳۳۶، البداية والنهاية : ج ۱۱ ص ۲۸۶ نحوه) .

3.في المنتظم ـ في ذكر حوادث سنة ۳۹۳ هـ . ق ـ : إنّ عميد الجيوش منع أهل الكرخ وباب الطاق في يوم عاشوراء من النوح في المشاهد وتعليق المسوح في الأسواق فامتنعوا، ومنع أهل باب البصرة وباب الشعير من مثل ذلك فيما نسبوه إلى مقتل مصعب بن الزبير بن العوام (المنتظم : ج ۱۵ ص ۳۷) .

4.في المنتظم: ثمّ دخلت سنة ثمان وخمسين وأربعمئة؛ فمن الحوادث فيها: أنّ أهل الكرخ أغلقوا دكاكينهم يوم عاشوراء، وأحضروا نساء فنحن على الحسين عليه السلام على ما كانوا قديماً يستعملونه، واتّفق أنّه حُملت جنازة رجل من باب المحول إلى الكرخ ومعها الناحة، فصُلّي عليها وناح الرجال بحجّتها على الحسين، وأنكر الخليفة على الطاهر أبي الغنائم المعمر بن عبيد اللّه نقيب الطالبيين تمكينه من ذلك، فذكر أنّه لم يعلم به إلّا بعد فعله، وأنّه لمّا علم أنكره ومنعه (المنتظم : ج ۱۶ ص ۹۴، البداية والنهاية : ج ۱۲ ص ۹۳نحوه).

5.مجموعة نفيسة : ص ۶۰ (مسارّ الشيعة) .


موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6
276
  • نام منبع :
    موسوعة الامام الحسين عليه السّلام في الکتاب و السّنّة و التّاريخ ج6
    سایر پدیدآورندگان :
    المساعدون : الطباطبائي نژاد،سيد محمود؛ السيّد طبائي،سيد روح الله
    تاریخ انتشار :
    1390
عدد المشاهدين : 204191
الصفحه من 430
طباعه  ارسل الي