بالمبيّن المجمل.
امّا بعد، فيقول الراجي إلى رحمة ربّه البارئ، حسين بن جمال الدين محمد الخوانسارى ـ أوتيا كتابهما يمينا وحوسبا حسابا يسيرا ـ: إنّ العلوم على شرف جلّتها و رفعة مكانتها وحلّتها متفاضلة في مدى الفخار، متفاوتة في المزايا والآثار، وأشرفها دراية ورواية، وأفضلها معلوما وغاية، وأسدّها دليلا وحجّة، وأوضحها منارا ومحجة، وأعظمها للراغب منفعة، وأورثها للطالب رفعة بعد علم المعرفة علم الفقه، الذي به يعرف ما كلّف به العباد، ويفرّق بين الغيّ والرشاد، ويميّز بين ما ينجي ويوثق يوم التناد، ومنه يشرح آيات كلام ربّ العالمين، ويوضح سنن خير المرسلين، وآثار عترته الطاهرين، وبه تنال السعادة الأبديّة، ويدرك الفوز بالحياة السرمديّة، فمن تمسّك بالفقه الأحمدي فله البشرى، وهو الفاخر بنيل منتهى المطلب في الآخرة والأولى، والفقيه الذي فاز باستبصار كاف في تهذيب عمله، والمهذّب الجامع لخصال أدرك بها غاية مراده وأمله.
ولمّا كان كتاب «الدروس الشرعية في فقه الإماميّة» ـ من تصانيف شيخنا الأجل المحقّق والحبر المسدّد المدقّق، أفضل المتأخّرين وأكمل المتبحرّين، عمدة علماء الفرقة الناجية، بل الذي لم يظفر بمثله في القرون الماضية، الحائز لمرتبة السعادة، الفائز بمنقبة الشهادة، محمد بن مكّي ـ أعلى اللّه درجته كما شرف خاتمته ـ أحسن الكتب المصنّفة تحقيقا وتهذيبا، وأتقن الرسائل المؤلّفة تدقيقا وتقريبا، وأكثرها اشتمالا على الفروع التي تعمّ بها البلوى، وأسدّها تنقيحا للمسائل التي تشتدّ الحاجة إليها، أحببنا أن نشرحه شرحا، يوضح مقاصده الدقيقة، ويجلى مطالبه الأنيقة، ويبيّن حقائق أنظاره، ويظهر دقائق أفكاره، غير مقتصرين على حلّ الكتاب وبيان