مراسيل ابن أبي عمير بين القبول و الردّ - صفحه 86

ماقاله بعضهم : إنّه لابدّ من تعيينه وتسميته ليُنظر في أمره ، هل أطبق القوم على تعديله ، أو تعارض كلامهم فيهِ ، أو سكتوا عن ذكره؟ لجواز كونه ثقةً عنده مجروحاً عندَ غيره ؟!
ممّا لا يستند إلى أصلٍ أصلاً ، وأصالة عدم الجرح معَ ثبوت التزكية بشهادة الثقة المزكّي تكفي في دفاع الاستضرار بذلكَ الاحتمال (انتهى) .
أقول : فعلى هذا ، تنخرط كثير من مراسيل ابن أبي عمير في سلك الصحاح المسندة ، لتعبيره غالباً عن الواسطة المبهمة بـ «بعض أصحابنا» ونحوه ممّا هو في معناه .
وهذا أمرٌ آخر سوى إجماع الطائفة على العمل بمراسيله لكونه لا يرسل إلّا عن ثقة ، بيد أنّ المسألة محلّ خلاف ونزاع بين الأصحاب ـ كما عرفت ـ وتحتاج إلى مزيد تنقيح .
الثاني : المرسل بالمعنى الخاصّ ، وهو ماأسنده التابعيّ إلى النبي صلّى الله عليه و آله من دون ذكر الواسطة ، كقول سعيد بن المسيّب : قال رسول الله صلّى الله عليه و آله كذا .
وهذا هو المعنى الأشهر عندَ الجمهور ، وقيّده بعضهم بما إذا كان التابعيّ المرسِل كبيراً كابن المسيّب ، وإلّا فهو منقطع .
واختار جماعة منهم معناه العامّ الذي ذكرناهُ أوّلاً .
إذا تقرّر هذا لديك ، فاعلم أنّ جماعة من أصحابنا المتقدّمين والمتأخرين ـ المانعين من العمل بالحديث المرسَل ـ استثنوا من ذلكَ مراسيل جماعة وُصِفوا بأنّهم لا يروون ولا يرسلون إلّا عن ثقةٍ ، كصفوان بن يحيى ، ومحمد بن أبي عمير ، وأحمد ابن محمد بن أبي نصر البزنطي وأضرابهم ، فسكنوا ـ لأجل ذلكَ ـ إلى مراسيلهم وجعلوها في قوّة المسانيد .
وقد حكى ذلكَ الشيخ الإمام أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي رحمه الله في (العدّة) حيث قال : إذا كان أحد الراويين مُسنِداً ، والآخر مُرسِلاً ، نُظر في حال

صفحه از 93