مراسيل ابن أبي عمير بين القبول و الردّ - صفحه 88

والبزنطي لا يرسلون إلّا عن ثقةٍ ، وإجماع الأصحاب على الأخذ بمراسيلهم وجعلها كالمسانيد الصحاح ، وعلى تصحيح مايصحّ عن جماعةٍ؛ الإطمئنان الكافي في الحجّية ، وإنكار حصول الاطمئنان مكابرة .
وليس الاطمئنان الحاصل من ذلكَ بأقلّ من الاطمئنان الحاصل من توثيق من لم يُدرك الراوي من علماء الرجال ـ كما لا يخفى ـ سيّما بعدما نقلوا من أنّ كتب ابن أبي عمير قد هلكت وتلفت فكان يروي عن حفظه ، وكان يعرف أنّ المرويّ عنه عدلٌ ولكن نسي اسمه (انتهى) .
ويمكن أن يُقال أيضاً : إنّ إجماع الطائفة على العمل بمراسيل ابن أبي عميركاشف عن أنه لم يكن يروي إلّا عن ثقةٍ ، وأمّا روايته ـ أحياناً ـ عن غير الثقات فإنّها محمولة على :
أنّ الرواية عنهم كانت حال استقامتهم وثقتهم .
أو أنّ هؤلاء النفر مستثنون من هذهِ القاعدة الكليّة .
أو أنّه ثبت عنده صحّة حديث هؤلاء ـ بمعنى صدوره عن المعصوم عليه السّلام ـ من طرقٍ أخرى ، فثبت صدقهم وثقتهم فيما رووه .
ويؤيد ذلكَ ماذكره الشيخ عبد النبيّ بن علي الكاظمي رحمه الله في (تكملة الرجال) : من أنّا لم نجدهم ـ يعني ابن أبي عمير وأضرابه ممّن قيل فيهِ : إنّه لا يروي ولا يرسل إلّا عن ثقةٍ ـ رووا خبراً شاذّاً وقعَ الاتّفاق على طرحه كما يتّفق لغيرهم ، حتّى إنّه لم يوجد ذلكَ في مراسيلهم ، فهذا يورث الاعتماد على مارووه من الأخبار ، وروايتهم للخبر تكشف عن أنّه جامع لشرائط العمل ، وأنّه لا مانع من العمل بهِ ، وذلكَ لا يكون إلّا إذا كان محفوفاً بقرائن الصدق وصحّة الصدور عن المعصوم عليه السّلام ، ولازمه أيضاً كمال التثبّت وشدّة الاحتياط في رواية الخبر ۱ .

1.مقباس الهداية في علم الدراية : ۴۸ .

صفحه از 93