المكنون في حقائق الكلم النبوية - صفحه 264

النبيّ صلى الله عليه و سلم دواوين كثيرة: للمتقدمين مثل الموطأ ۱ والمعالم ۲ [في ]شرح الصحاح والحسان؛ وللمتأخّرين مثل شرح السنن. وما وجدتُ [مِن ]مشايخنا مَن صنّف كتابا مفردا في حقائق تفسير غرائب الحديث إلاّ قليل شرح بعض متفرّقاته فى كتب شتّى، فأحببتُ أنْ اُصنّف كتابا في تفسير غريب حديث رسول اللّه صلى الله عليه و آله ما وافق حقائق العارفين، وأشرحه بلسان مشايخ الصوفية؛ ليكون في طريقتهم أعلام مذهبهم، وأمارات حقيقة حكمتهم ومعرفتهم، ودليلاً لنكت مقالتهم.
فاستخرتُ اللّه تعالى ذكره في ذلك، وانتخبت من كتب الحديث إشارات سيّد المرسلين ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ في حقائق علوم المعرفة والحكمة والمحبّة والمشاهدة والمكاشفة والتوحيد والتجريد والتفريد، وما يتعلق بمقاماته بين يدي اللّه تعالى من عظيم كراماته و معجزاته و أنوار قربه وما وجد من أسرار ملكه و ملكوته وما فيه من بيان حكم الأنبياء وشرف الأصفياء، وشرحتهُ بقدر قصور خاطري وعلمي حسب ما سنح له الوقت وجادَ به الحقّ ـ جلّ وعزّ ـ.
وما جمعتُ فهو من أسرار ما أوحى اللّه تعالى إلى نبيّه ورسوله وخليله وحبيبه وأمينه وكليمه وسفيره وخليفته، وخاتم أنبيائه وإمام أوليائه، وصفيّ مملكته وخيرته من بريّته ، مفتاح كنوز حقائق العلوم الأزليّة ودقائق الحكمة السرمديّة . فكلّ كلمة صدرت من معدن رسالته بحرٌ من بحار الحكمة، وكلّ لفظه سارت من كفاية إشارته نهرٌ من أنهار المعرفة، تستغرق فيها فهوم الفُهَماء وعقول العقلاء. فغرفت منها غرفة من مكنونات غوامض أسراره النبويّة، وقبضت قبضة من لطائف رموزه الربّانيّة ، وبيّنتها بلسان المعرفة اقتداءً باُسوته وقدوته وبراهين

1.الموطأ في الحديث، لمالك بن أنس الحميريّ المتوفى ۱۷۹ ه ق. انظر : كشف الظنون، ج۲، ص۱۹۰۷

2. والأعلام . معالم السنن في شرح سنن أبي داود، وأعلام السنن في شرح صحيح البخاريّ، كلاهما لأبي سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم بن خطّاب البستيّ الخطّابيّ المتوفى سنة ۳۳۸ق .

صفحه از 363