المعارف الإلهيه (شرح حديث من عرف نفسه) - صفحه 19

ونستعين بالعليم الحكيم
الحمد للّه الّذي جعل الإنسان مظهراً لما في الأكوان ، والصلاة على رسوله المبعوث إلى الإنس والجانّ ، وآله الهادين إلى رحيق العرفان .
أمّا بعد : فلمّا وصل إلينا ما سلكه في معنى الحديث المرتضوي بعض أماجد زماننا وأفاضل أواننا ـ لا زال كاسمه ماجداً ـ ، أدام اللّه تعالى مجدَه بجوده أبداً ـ فلا جناح علينا إن توجّهنا إليه بعين الوداد ، واللّه وليّ الفضل والرشاد .
وذلك حيث قال : قال أميرالمؤمنين وسيّد الوصيّين ، وربّما يُروى عن النبيّ ـ صلّى اللّه عليهما ـ : «من عرف نفسه عرف ربّه» ۱ وقد ذُكر في معناه وجوه كثيرة منها أنّ الإنسان مشتمل على غرائب الصنع ودقائق الخلق حتّى قيل : أنّه عالم صغير لمساواته العالم الكبير ومحاذاته له ، كما بُيّن في غير هذا الموضع ، بل قيل : إنّه العالم الكبير ، وإنّ العالم الآخر مشتمل على ما في الإنسان ، انتهى بما تقريره على نظمه الطبيعيّ .
إنّ الإنسان لمّا كان عين الأعيان ومنتخب ما في الأكوان بحيث لا يدعُ صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها ، فيشبه أن تكون نسبته إليها نسبة القرآن إلى الكتب السماويّة بأسرها ، لاحتوائه مع وجازته على جميع ما فيها ، ولا يبعد أن يكون المراد من الكتاب المبين في قوله العزيز في غير موضع هو هذا ؛ يرشدك إليه ما نطق به كلام اللّه الناطق بقوله العليّ شعر :

وأنت الكتاب المبين الذيبأحرفه يظهر المضمر
وبالجملة : إنّ هذه النشأة المقدّسة وإن كانت صغيرة صورة ، لكنّها كبيرة سيرة ،

1.عوالى اللئالى ، ج۱ ، ص۵۴ و ۱۰۲ ؛ تفسير نور الثقلين ، ج۱ ، ص۸۵ ؛ المناقب ، ص۳۷۵ ؛ موسوعة اطراف الحديث النبوى الشريف ، ج۸ ، ص۳۵۹ ، و نيز رجوع شود به : ميراث حديث شيعه ، دفتر اول ، ص۱۴۳ .

صفحه از 30