المعارف الإلهيه (شرح حديث من عرف نفسه) - صفحه 26

الشيخ السهروردي تقريب هذا المرام إلى العقول والأحلام بعد ما تبيّن بطلان الاتّحاد أنّ النفس وإن لم تكن في البدن لما كان بينها وبين البدن علاقة شديدة أشارت إلى البدن بأناحي أنّ أكثر النفوس نسبت أنفسها وظنّت أن هو بأنّها هي البدن كذلك لا مانع أن يحصل لنفس مع الباري علاقة شوقيّة نوريّة لاهوتيّة يحكم عليها شعاع قيّوميّ طامس يمحو عنها الالتفات إلى شيء يشير ۱ إلى مبدئها إشارة روحانيّة فيستغرق الأنبات . ۲
شعر :

تركت للناس دنياهم ودينهمشغلاً بذكرك يا ديني ودنياي
ومن الظاهر أنّ هذه الحالة الشعشعانيّة منحصرة في هذه النشأة الكاملة الإنسانيّة ، وأيضاً إنّها تزيد على ما سواها من العوالم بأسرها حسبما حكم به الشيخ الربّاني محي الدين الأعرابي في فصوصه بقبولها للتجليّات الغير المتناهية وسعته الذات ۳ وجميع الأسماء والصفات الغير المتناهية التي ما وسعها السماء والأرض يعني العالم العلوي والسفلي صوريّاً كان أو معنويّاً أي مجرّداً كان أو مادّيّاً ، يؤيّده الحديث القدسي بقوله العرشي : «ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن»۴ ومن هنا وقع عن بعض العرفاء : لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف لما أحسّ بها .
ثمّ لا يخفى جواز أن يكون إليه الإشارة الإلهيّة بقوله تعالى : « إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً۵»۶ فلذا تشرّف إنسان العين ۷ بل عين الإنسان بخطاب «لولاك لما خلقت

1.در اصل : بحيث تشير الى مبدئها ب أنا اشارة روحانية . فستغرق الانيّات فى النور الاقهر الغير المتناهي .

2.مجموعه مصنفات شيخ اشراق ، ج۱ ، ص۵۰۲ ، موسسه مطالعات وتحقيقات فرهنگى .

3.أي ذات اللّه تعالى «م» .

4.نور البراهين ، للجزائري ، ج۲ ، ص۱۷۲ ؛ تذكرة الموضوعات ، ص۳۰ ؛ كشف الخفاء ، ص۱۰۰ .

5.من باب التعظيم «م» .

6.الأحزاب : ۷۲ .

7.أي النبي ص . «م» .

صفحه از 30