رسالة عديمة النظير في أحوال أبي بصير - صفحه 305

لعدم قرينة حينئذٍ على صدور ذلك الكلام عنه ، بل الظاهر حينئذٍ صدوره عن يحيى بقرينة شعيب ؛ فإنّه ابن اُخت يحيى ، وسيجيء أنّه قال : قلت لأبي عبداللّه عليه السلام : ربّما احتجنا أن نسأل عن الشيء ، ممّن نسأل ؟ قال : عليك بالأسدي ۱ ، وعلى هذا لعلّ مراده : ما أظنّ أنّه عليه السلام قال ذلك ؛ فإنّه تناهى علمه ، هذا .
وقال السيّد الداماد في تعليقاته على اختيار الشيخ في شرح ما رواه الكشي عن حمدان ، عن معاوية ، عن شعيب العقرقوفي :
وحيث إنّ هذا الحديث كان في زمن الصادق عليه السلام ، وأبوالحسن عليه السلام لم يكن يومئذٍ إماماً ، و علمُ الإمام إنّما يتكامل فيضانه من المبدء الفياض على قلبه حين ما تصل نوبة الإمامة إليه ، فمعنى كلام أبي بصير أنّ صاحبنا أباالحسن /24/ إذ ليس هو الإمام اليوم لم يتناه علمه ولم يبلغ نهاية الكمال ، بل إنّما يبلغ النهاية عندما تنتقل إليه الإمامة ، ويرد عليه أنّ الأمر وإن كان كذلك إلاّ أنّ ملكة العصمة عاصمة للنفس بإذن اللّه تعالى عن الوقوع في الخطأ ؛ فالحقّ أن يقال : إنّ قول أبي الحسن عليه السلام فيما إذا كان الرجل المتزوّج بها لم يعلم رأساً أنّ لها زوجاً ، وقول أبي عبداللّه عليه السلامفيما إذا كان يعلم ذلك ثمّ عقد عليها ونكحها من غير أن يثبت عند الحاكم موت زوجها ببيّنة شرعيّة ، فالقولان غير متدافعين ۲ .
أقول : ويمكن تقرير الجواب بوجه يندفع هذا الإيراد أيضاً عن أبي بصير هذا بأن يقال : لعلّ هذا الحديث كان في زمان الصادق عليه السلام وأبو بصير لم يكن يومئذ عالماً بكون أبي الحسن عليه السلام الإمام من بعده عليه السلام ، لاسيّما وعبداللّه كان حيّاً وكان أكبر منه عليه السلام ، بل لعلّ إسماعيل أيضاً كان حيّاً في ذلك الوقت ، فلذا صدر عنه ما صدر ، فظهر الجواب واندفع الإيراد .
ثمّ الجواب عن قول ابن الغضائري : كان أبو عبداللّه عليه السلام يتضجّر به ويتبرّم ـ على فرض صحّته ـ أنّ إظهاره عليه السلام التضجّر به لعلّه لأجل أن لا يعدّه المخالفون من خواصّه عليه السلامكي يسلم من شرّهم ، وقوله : وعندي أنّ الطعن إنّما وقع على دينه ، لا يوجب طعناً فيه لأنّه اجتهاد منه .

1.اختيار معرفة الرجال ، ج۱ ، ص۴۰۲ .

2.راجع : اختيار معرفة الرجال ، ج۱ ، ص۴۰۰ و۴۰۷ .

صفحه از 446