أسقطه الناظرون فيه لسوء فهمهم ، وكيف لا ولا يتّفق مثل ذينك الغلطين لمحصّل.
وأيضاً يؤيّده أنّ أبا بصير يحيى من أفقه فقهائنا الأوّلين ـ كما يظهر ممّا سنذكره في المبحث العاشر من الفصل الآتي /39/ ـ ومن أصحاب الصادقين عليهماالسلام ـ كما سنذكره في المبحث الرابع من ذلك الفصل ـ فلا وجه لعدم ذكره في أصحابهما عليهماالسلام أيضاً ، وعلى هذا يظهر عدم الحجيّة غاية الظهور ، وعلى فرض صحّة العنوان وعدم سقوط شيء منه نقول : لعلّ ذكره هاتين الروايتين في تلك الترجمة مثل ذكره هذين فيها لو لم نقل بأنّ الظاهر ذلك ؛ أمّا الاُولى فلأنّ الأنسب بظاهر السؤال الواقع فيها وبقوله : فأبصرت السماء والأرض والبيوت ، ۱ حيث لم يقل مكانه : فعدت بصيراً ، أن يكون أبو بصير السائل أكمه فيكون يحيى لما مرّ ، ولأنّه لم يقل أحد بكون ليث كذلك ولم يقم عليه دليل أصلاً ، بل الدليل على خلافه قائم ؛ إذ الظنّ يُلحق الشيء بالأعمّ الأغلب ، وعادة علماء الرجال أن يتعرّضوا لذكر أمثال هذه الاُمور ، حتّى أنّهم يذكرون أنّ فلاناً عمي في وسط عمره وفلاناً عمي في آخر عمره ، فلو كان ليث أكمه لذكروا ذلك في ترجمته ، فحيث لم يذكره أحد منهم فيها ولم يشر في كتابه إليه أصلاً حتّى أنّ بعضاً ذكره ويحيى في موضع من كلامه وأشار إلى مكفوفيّة يحيى دونه ، يظهر أنّه لم يكن أكمه ، ولأنّها مذكورة في بصائر الدرجات أيضاً ، وفيه : دخلت على أبي عبداللّه عليه السلام وأبي جعفر عليه السلام ۲ ، فالمعجزة صدرت عنهما جميعاً كلٌّ في /40/ زمانه ، وهذا ما نقله العقيقيي في أبي بصير يحيى ، وستقف عليه فيما نحكيه عن الخلاصة ۳ ، ولم نر نقل أحد وقوع مثلها منهما جميعاً بالنسبة إلى أبي بصير ليث المرادي ، ولأنّ المشهور أنّ أبابصير الّذي وقع له تلك القضيّة هو يحيى كما اعترف به السيّد الداماد ۴ .
وقد روى الشيخ في أماليـه بإسناده عن يحيى ما قد رواه في الكافي والمحاسن بإسنادهما عن مثنّى بن الوليد عن أبي بصير ۵ ، وسنذكره فيما سيأتي ، فابن الوليد هذا
1.لاحظ : اختيار معرفة الرجال ، ج۱ ، ص۴۰۸ .
2.راجع : بصائر الدرجات ، ص۲۶۹ .
3.لاحظ : خلاصة الأقوال ، ص۲۶۴ .
4.انظر : اختيار معرفة الرجال ، ج۱ ، ص۴۰۰ ، رقم ۲۸۹ .
5.الأمالي للطوسي ، ص۵۴۳ ، ح۱۱۶۶ ؛ المحاسن ، ج۱ ، ص۲۲۸ ، ح۱۶۰ .