ذلك الاستعمال فيه حتى يشتهر به ، فيصير كنية له كأكثر كنى معصومى هذه الاُمّة ، صلَّى اللّه عليهم أجمعين .
وثانيهما ما يكنّي به الوالدين وأمثالهما الأطفال في صغرهم مخافة النبز أن يلحق بهم ، أو لكونه كنية لأحد أجدادهم أو أقاربهم، وفي هذا القسم كثيراً ما لا يلاحظ معناه الإضافي ، وعلى هذا فلو علم أنّ اكتناء ليث بأبي بصير كان من قبيل القسم الأوّل لأمكن أن يكون لما ذكرته وجه ، إلاّ أنّك خبير بأنّه لا دليل عليه ، وكما يحتمل ذلك يحتمل أن يكون من قبيل القسم الثاني ، فأين الدلالة على ذلك .
فإن قيل : لمّا كان في هذه الكنية إشعار بالعمى كان تكنية الوالدين أولادهما بهما مشكلاً فيشكل كونها من القسم /46/ الثاني .
قلنا أوّلاً : لمّا كان في هذا الإشعار خفاء حتّى أنّه لعلّه ممّا لم يتنبّه له كثير من الناس لم يكن في التكنية بتلك ا لكنية إشكال عند أكثرهم ، وثانياً : إنّها إذا كانت كنية لأحد أجدادهم أو أقاربهم فكأنّه ليس في التكنية بها عندهم كثير إشكال . وأيضاً : قيل لأعرابيّ ^۱ : لم تسمّون أبناءكم بشرّ الأسماء نحو كلب وذئب ، وعبيدكم بأحسنها نحو مرزوق وغيره ^۲ من الأسماء الحسنة ؟ فقال : إنّما نسمّي أبناءنا لأعدائنا وعبيدنا لأنفسنا ^۳ . فلعلّ التكنية بتلك الكنية من هذا الباب لكونها من أسماء الكلب ـ على ما قاله الفيومي في المصباح ^۴ ـ .
هذا مضافاً إلى أنّه لو تمّ ذلك وكان دليلاً على الضريريّة فيلزم أن لا يوجد فيمن يكنّى بتلك الكنية بصيراً وهو باطل ، ألا ترى أبا بصير عتبة بن اُسيد بن حارثة الثقفي ؛ فإنّ قصّته تشهد ببصيريّته ، ومختصرها أنّه لمّا وقع صلح الحديبيّة مشروطاً فيه شروطاً ، منها أن يردّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم إلى قريش كلّ من جاءه من رجالهم ورجع رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمإلى المدينة ، انفَلَتَ أبو بصير من المشركين ، وجاء رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فبعثت القريش رجلين إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وكتبوا إليه يسألونه بأرحامهم أن يردّ إليهم