رسالة عديمة النظير في أحوال أبي بصير - صفحه 327

أبا بصير ، فقال : ارجع إلى القوم . فقال : يا رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، تردّني إلى المشركين يعذّبوني وقد آمنت باللّه وصدّقت برسول اللّه ؟ فقال : يا أبا بصير ، إنّا قد شرطنا لهم شرطاً ونحن وافون لهم شرطهم ، واللّه تعالى سيجعل لك مخرجاً ، فدفعه إلى الرجلين ، فخرج معهما ، فلمّا بلغوا ذاالحليفة أخرج أبو بصير جراباً كان معه فيه طعام ، فقال لهما : اُدنوا فأصيبا من هذا الطعام ، فامتنعا ، فقال : أما لو دعوتماني إلى طعامكما لأجبتكما ، فدنيا فأكلا ومع أحدهما سيف قد علّقه في الجدار ، فقال له أبو بصير : أصارم سيفك هذا ؟ قال : نعم . قال : ناولني ، فدفع إليه قائمة السيف ، فسلّه فعلاه به فقتله وفرّ الآخر ورجع إلى المدينة ، فدخل إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، فقال : يا محمّد ، إنّ صاحبكم قتل صاحبي وما كدت أن أفلت منه إلاّ بشغله بسلبه ! فوافى أبو بصير ومعه راحلته وسلاحه وقال : يا نبيّ اللّه ، قد أوفى اللّه ذمّتك ، ورددتني إليهم ، ونجّاني اللّه منهم . فقال النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : ويل اُمّه مسعر حرب لو كان له أحد ، وقال : يا أبابصير ، اُخرج من المدينة ؛ فإنّ قريشاً تنسب ذلك إليّ ، فخرج إلى الساحل وجمع جمعاً من الأعراب فكان يقطع على عير قريش ويقتل من قدر عليه حتّى اجتمع إليه ثلاثمئة مقاتل وهم مسلمون ، فكتبت قريش إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلموسألوه أن يأذن لأبي بصير وأصحابه دخول المدينة وقد أحلّوه من ذلك وقالوا : من خرج منّا إليك فأمسكه غير حرج أنت فيه . فكتب صلى الله عليه و آله وسلم إليه وأذن لهم في دخول المدينة ، فوافاه الكتاب وقد مرض وهو في آخر رمق ، فمات وقبره هناك ، ودخل أصحابه المدينة ۱ .
هذا ، وأمّا حديث غلبة تلك الكنية في المكفوف فهو وإن كان ممّا يورث الظنّ بالمكفوفيّة إلاّ أنّه لعلّه لا يقاوم الظنّ الحاصل ممّا تقدّم ، ثمّ ظنّي أنّ ذهاب من ذهب إلى ضريريّة ليث ممّن تأخّر عن الكشي وقد تقدّم ذكرهم ليس إلاّ لبعض ما بيّنّاه لك وقد عرفت ضعفه ، فإذن القول بها مشكل ، واللّه سبحانه هو العالم .

الثامن : فيما حسبه جماعة قرينة معيّنة لإرادته من أبي بصير وفي الكلام عليهم

قال السيّد مصطفى التفرشي في نقد الرجال :

1.انظر : بحار الأنوار ، ج۲۰ ، ص۳۳۶ ؛ و ج۸۹ ، ص۶۸ ؛ و أورده البيهقي في السنن الكبرى مع اختلاف ، ج۹ ، ص۲۲۷ .

صفحه از 446