اشتروا صيداً فاشتركوا فيه وقالت رفيقة لهم : اجعلوا لي فيه بدرهم ؟ وأنّ في الرواية الّتي أوردها أخيراً سؤالات كثيرة على الترتيب الّذي عرفته ، وفي الفقيه أيضاً كذلك في الجميع من دون تغيير؟ فكيف لا يبعد اتّفاق رواياتهما في هذه الخصوصيات ؟ بل الظاهر أنّ القول بوقوع ذلك اتفاقاً خلاف الإنصاف وخلاف ما يشهد به الوجدان .
وأمّا عليّ بن أبي حمزة رواها عن ليث المرادي كعبداللّه بن مسكان فهو ممّن روى عنه وعن يحيى كليهما ، ويؤيّده ما رواه في البصائر بإسناده عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير قال : حججت مع أبي عبداللّه عليه السلام فلمّا كنّا في الطواف قلت له : جعلت فداك يا ابن رسول اللّه ! يغفر اللّه لهذا الخلق ؟ فقال : يا أبا بصير ، إنّ أكثر من ترى قردة وخنازير . قال : قلت له : أرِنيهم . فقال : فتكلّمَ بكلمات ثمّ أمرّ يده على بصري فرأيتهم قردة وخنازير فهالني ذلك ، ثمّ أمرّ يده على بصري فرأيتهم كما كانوا في المرّة الاُولى ، ثمّ قال : يا أبا محمّد ، أنتم في الجنّة تحبرون وبين أطباق النار تطلبون فلا توجدون ، واللّه لا يجتمع في النّار منكم ثلاثة ، لا واللّه ولا اثنان ، لا واللّه ولا واحد ۱ .
فإنّه يدلّ على كون أبي بصير المذكور فيه بصيراً حيث قال : /53/ ثمّ أمرّ يده على بصري فرأيتهم كما كانوا في المرّة الاُولى ، وحيث قال الصادق عليه السلام : يا أبا بصير ، إنّ أكثر من ترى قردة وخنازير ، وستعرف أنّ أبابصير يحيى بن القاسم كان ضريراً اتّفاقاً بل كان أكمه ، فلابدّ أن يكون أبو بصير هذا هو ليث المرادي ، فعليُّ بن أبي حمزة ممّن روى عنه أيضاً .
وما رواه في الكافي عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن محبوب ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير قال : كنت مع أبي جعفر عليه السلام جالساً في المسجد إذ أقبل داوود بن عليّ وسليمان بن مخالد وأبو جعفر عبداللّه بن محمّد أبو الدوانيق فقعدوا ناحية من المسجد ، فقيل لهم : هذا محمّد بن عليّ جالس ، فقام إليه داوود بن عليّ وسليمان بن مخالد ۲ وقعد أبوالدوانيق مكانه حتّى سلّموا على أبي جعفر عليه السلام ، فقال لهم أبو جعفر عليه السلام : ما منع جبّاركم من أن يأتيني ؟ فعذروه عنده ، فقال عند ذلك أبو جعفر محمّد
1.بصائر الدرجات ، ص۲۷۰ ، ح۴ .
2.في المصدر : خالد ، وكذا المورد الآتي .