ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيّتها ، وكان عليّ عليه السلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليهاالسلام ۱ إلى غير ذلك من الأخبار .
وفيه أنّ الشائع الغالب في عرف الأخبار إطلاق المحدَّث على من ليس برسول ولا بنبيّ بل لم نر إطلاقه على غيره ، بل ورد فيها أنّ المحدّث هو الّذي يحدَّث فيسمع ولا يعاين ولا يرى في منامه ، وأنّ التغليب خلاف الأصل ، فالمناسبة غير ظاهرة .
نعم ، في بعض النسخ المعتبرة بدل «تاسعهم القائم» : سابعهم القائم ، فيمكن لهم أن يقولوا : «ثمانية» في كلام الصادق عليه السلام بدل من المجرور في منّا ، وتنكيره غير مانع ؛ لعدم خلوّه عن الفائدة ، ومحدّثون صفة مبتدأ محذوف خبره منّا ، وضمير «سابعهم» راجع إليه ، والمراد أنّ من النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم وآله الطاهرين إلى الصادق عليه السلام ستّة محدّثون مصيرهم وجاعلهم سبعة القائم الموعود . ۲ وعليه اندفع المحذوران ، وظهر من كلام أبي بصير أنّ كلام الباقر عليه السلام أيضاً كان ما يدلّ على ذلك ، فظهر المناسبة .
وفيه أيضاً ما فيه ، وعلى تقدير التسليم فالجواب عن هذه الرواية وعن الأخيرتين : أمّا أوّلاً فبضعف سندها فلعلّ كلاًّ منها كذبٌ من بعض الواقفة على أبيبصير ، بل وممّا يؤيّد كذب الاُولى منافاة قوله : وإنّي كنت خماسيّاً ، الواقع فيها لما سبق في المبحث السابع من الفصل السابق ممّا دلّ على كونه /112/ كبير السنّ في زمان أبي جعفر عليه السلام ، فلو فرض كون ذلك الكبير أبابصير الأصغر فلعلّ المنافاة أظهر .
وأمّا ثانياً فبأنّا لا نسلّم دلالة رواية ما يناسب مذهب الواقفة على كون الراوي منهم وإن رواه عن المعصوم عليه السلام من دون واسطة ، ألم يكن في أيديهم أنّ أباجعفر عليه السلامقال : من زعم أنّه قد فرغ من الأمر فقد كذب ؛ لأنّ للّه عز و جل المشيئة في خلقه يحدث ما يشاء و يفعل ما يريد ، وقال : «ذُرِّيَّةَم بَعْضُهَا مِنم بَعْضٍ» من بعض فآخرها من أوّلها وأوّلها من آخرها ، فإذا أخبر عنها بشيء منها بعينه أنّه كائن ، فكان في غيره منه فقد وقع الخبر على ما أخبروا ، وأنّ أباعبداللّه عليه السلام
1.الكافي ، ج۱ ، ص۲۴۱ وص۴۵۸ ، باب مولد الزهراء فاطمه عليهاالسلام .
2.هكذا ورد في سماء المقال (ج۱ ، ص۳۵۱) : إنّ المعنى أنّ من النبي وذريته ومنها فاطمة ـ صلوات اللّه عليهم ـ ثمانية أشخاص محدّثون ـ بالفتح ـ وجاعلُهم تسعةً هو القائم الموعود أي مولانا الكاظم عليه السلام .