شرح حديث حقيقت - صفحه 336

اليقين علامات الحقيقة ، و يسكر السالك من شراب الوجد ، و يلبس عقله ، و يهتك الستر عليه ـ و هو حواس الشرع و العقل ـ فعند ذلك يأخذ في الشطحيات و الكلمات التي لا يجوز التكلم بها في الشرع ، كما روي عن أبي يزيد: «سبحاني ما أعظم شأني» ۱ . و عن المنصور: «أنا الحق» ۲ ، و عن أبي سعيد : «ليس في جُبّتي إلاّ اللّه » ۳
، و أمثالها .
فإنْ كانوا محفوظين بالعناية الأزلية ، واظَبوا في هذا السكر على الفرائض و السنن عند دخول أوانها ، و إنْ لم يكونوا محفوظين يجري عليهم أحوال و اُمور خارجة عن الشرع و العقل ، [ و ] يكفّرهم أهل الظاهر و [ يعتقدون ] زندقتهم . فإذا فارقوا من سكرهم اعتذروا بما جرى عليهم في حال السكر من الشطحيات و أمثالها ، و نصحوا لمريديهم أن لايقولوا مثل ذلك . و أينَ ربّ /ص 346/ الأرباب (؟) تب علىّ إنك أنت التواب ، أينَ العبوديّة من الربوبيّة ! و أينَ المخلوقيّة من الخالقيّة !ثم لم يقنع كميل بمرتبة عين اليقين ، و التمس مرتبة حق اليقين ، فأجاب عليه السلام : جَذْبُ الأَحَدِيَّةِ بِصِفَةِ التَّوْحيد . معناه : أنّ مَن هَتَكَ ستره من غلبة السرور ، و سكر من شراب الوجد الحقيقي ، ثم نفر من سكره ، و يجلس على سرير الصحو ، و يعلم أن ليس في الوجود إلاّ اللّه ، و ينتفي الاثنينية بالكلية ، تمكّن من التوحيد الحقيقي و هو أن لا يرى في الوجود إلا الواحد الحق ، مع وجود كثرة المكوّنات ، و يعلم أنّ الآثار مظاهر أفعاله ، و الأفعال مظاهر صفاته ثابتات لذاته ، و هذه ۴ مرتبة عالية في مرتبة علم التوحيد .و ما لم يصل السالك إلى هذه المقام لا يدرك قوله و أمره ، كالصبيّ الذي لا يدرك ذوق البلوغ و إن كثر الإخبار عنه .

1.نسبت هذه الكلمة إلى أبي يزيد البسطامي (م ۲۶۱ ق) ، و قد تصدّى لشرحه و توجيهه الشيخ روزبهان البقلي الشيرازي في كتابه شرح الشطحيات ، فراجع .

2.حسين بن منصور الحلاج ، الذي قتل في سنة ۳۰۹ ق ، بسبب تكفيره .

3.هذه الكلمة نسبت إلى الشيخ أبي سعيد أبي الخير (م ۴۴۰ ق) ، و جمع حفيده أحواله و كلماته في كتاب أسرار التوحيد . و من مكتوباته إلى ابن سينا: قطعنا الاُخوة عن معشربهم مرض من كتاب الشفا فماتوا على دين رسطاليس و عشنا على سنة المصطفى

4.في الأصل : هذا .

صفحه از 338