بنظر الاعتبار هنا مصلحة المغفور له ، أو «قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ»۱ حيث لوحظت هنا مصلحة الغافر ، أو مصلحة الغافر والمغفور له معا .
لعلّ الملاحظة التي سبقت الإشارة إليها هي التي دفعت الراغب في كتاب المفردات إلى أن يبني معنى مادة «غفر» كالتالي :
الغفر : إلباس ما يصونه عن الدنس .
ومنه قيل : اِغفر ثوبك في الوعاء واصبغ ثوبك فإنّه أغفر للوسخ ، والمغفرة من اللّه هو أن يصون العبد من أن يمسّه العذاب . . . وقد يقال غفر له إذا تجافى عنه في الظاهر وإن لم يتجاف عنه في الباطن نحو : «قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ» ، والاستغفار : طلب ذلك بالمقال والفعال . ۲
مع الأخذ بنظر الاعتبار البحث السابق فإنّ مادة «غفر» و «الاستغفار» لا يختصّان من الناحية اللغوية بالمعصية رغم أنّ استخدامهما في هذا المجال له الحصّة الأكبر في الكتاب والسنّة .
الاستغفار في الكتاب والسنّة
لقد تكرّرت مشتقّات مادة «غفر» في القرآن الكريم 234 مرّة . فقد رغّب هذا الكتاب السماوي أتباعه 7 مرّات ۳ على طلب المغفرة بأشكال مختلفة ، وذكر اللّه ـ تعالى ـ 91 مرّة بصفة «الغفور» ، و 5 مرّات بصفة «الغفّار» ۴ ومرّة واحدة بصفة «الغافر» ۵ . ومن البديهي أنّ هذا النوع من التعامل مع المذنبين يدلّ على سعة الرأفة والرحمة الإلهيتين .