321
نَهجُ الذِّكر ج2

استنادا إلى ما ذكر في بيان معنى كلمة «الاستغفار» ، فإنّ هذه الكلمة تعني في الكتاب والسنّة طلب الستر وغفران الذنوب من اللّه ـ سبحانه وتعالى ـ ، وتطالعنا في هذه المجالات بعض الملاحظات التي تستحقّ الاهتمام :

1 . روح «الاستغفار»

إنّ روح الاستغفار وحقيقته بالنسبة إلى النفس هي الندامة القلبية ، فما لم يندم الإنسان على معصيته لا يمكنه أن يطلب المغفرة من اللّه ـ تعالى ـ حقيقةً ، كما روي عن الإمام الرضا عليه السلام :
مَنِ استَغفَرَ بِلِسانِهِ ولَم يَندَم فَقَدِ استَهزَأَ بِنَفسِهِ .۱
على هذا الأساس ، فقد اعتبرت الندامة القلبية في رواية عن الإمام عليّ عليه السلام أحد أركان التوبة ۲ .
إنّ دور الندم في تحقّق الاستغفار الواقعي والتوبة يبلغ حدّا بحيث جاء في حديثٍ عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
النَّدَمُ تَوبَةٌ .۳
كما ورد في رواية عن الإمام عليّ عليه السلام :
النَّدَمُ استِغفارٌ .۴
يمكن القول إنّ هذا الكلام ليس مبالغا فيه ، لأنّ الندم الحقيقي سوف يستتبع التصميم على عدم معاودة الذنب وعلى تلافي ما مضى ، وبناءً على ذلك فإنّ جميع

1.راجع : ص ۳۲۸ ح ۲۵۰۴ .

2.راجع : ص ۳۳۲ ح ۲۵۱۹ .

3.كنزالعمّال : ج ۴ ص ۲۳۲ ح ۱۰۳۰۱ ؛ راجع ميزان الحكمة : التوبة ، باب «الندم والتوبة» .

4.راجع : ص ۳۳۲ ح ۲۵۲۱ .


نَهجُ الذِّكر ج2
320

بنظر الاعتبار هنا مصلحة المغفور له ، أو «قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ»۱ حيث لوحظت هنا مصلحة الغافر ، أو مصلحة الغافر والمغفور له معا .
لعلّ الملاحظة التي سبقت الإشارة إليها هي التي دفعت الراغب في كتاب المفردات إلى أن يبني معنى مادة «غفر» كالتالي :
الغفر : إلباس ما يصونه عن الدنس .
ومنه قيل : اِغفر ثوبك في الوعاء واصبغ ثوبك فإنّه أغفر للوسخ ، والمغفرة من اللّه هو أن يصون العبد من أن يمسّه العذاب . . . وقد يقال غفر له إذا تجافى عنه في الظاهر وإن لم يتجاف عنه في الباطن نحو : «قُل لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ يَغْفِرُواْ لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ» ، والاستغفار : طلب ذلك بالمقال والفعال . ۲
مع الأخذ بنظر الاعتبار البحث السابق فإنّ مادة «غفر» و «الاستغفار» لا يختصّان من الناحية اللغوية بالمعصية رغم أنّ استخدامهما في هذا المجال له الحصّة الأكبر في الكتاب والسنّة .

الاستغفار في الكتاب والسنّة

لقد تكرّرت مشتقّات مادة «غفر» في القرآن الكريم 234 مرّة . فقد رغّب هذا الكتاب السماوي أتباعه 7 مرّات ۳ على طلب المغفرة بأشكال مختلفة ، وذكر اللّه ـ تعالى ـ 91 مرّة بصفة «الغفور» ، و 5 مرّات بصفة «الغفّار» ۴ ومرّة واحدة بصفة «الغافر» ۵ . ومن البديهي أنّ هذا النوع من التعامل مع المذنبين يدلّ على سعة الرأفة والرحمة الإلهيتين .

1.الجاثية : ۱۴ .

2.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۶۰۹ .

3.البقرة : ۱۹۹ ، هود : ۳ و ۵۲ و ۹۲، نوح : ۱۰، المزّمّل : ۲۰، فصّلت : ۶ .

4.غافر : ۴۲، ص : ۶۶، الزمر : ۵، نوح : ۱۰، طه : ۸۹ .

5.غافر : ۳ .

  • نام منبع :
    نَهجُ الذِّكر ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    الافقی، رسول
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دار الحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1386
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 111429
صفحه از 679
پرینت  ارسال به