فسما عليه فسمّاه سماء ، ثم يبس الماء فجعله أرضا واحدة ، ثم فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين في الأحد والاثنين ، فخلق الأرض على حوت ، والحوت هو النون الذي ذكر الله عز و جل في القرآن «ن وَ الْقَلَمِ» . والحوت في الماء ، والماء على ظهر صفاة ، والصفاة على ظهر ملك ، والملك على صخرة ، والصخرة في الريح ، وهي الصخرة التي ذكر لقمان ليست في السماء ولا في الأرض ، فتحرّك الحوت فاضطرب ، فتزلزلت الأرض فأرسى عليها الجبال فقرّت ، فالجبال تفخر على الأرض فذلك قوله تعالى : «وَ أَلْقَى فِى الْأَرْضِ رَوَ سِىَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ» قال أبو جعفر : فقد أنبأ قول هؤلاء الذين ذكرت أنّ الله تعالى أخرج من الماء دخانا حين أراد أن يخلق السماوات والارض فسما عليه يعنون بقولهم ، فسما عليه علا على الماء ، وكلُّ شيء كان فوق شيء عاليا فهو له سماء . ثم أيبس بعد ذلك الماء فجعله أرضا واحدة . إنّ الله خلق السماء غير مسواة قبل الأرض ، ثم خلق الأرض . وإن كان الأمر كما قال هؤلاء فغير محال أن يكون الله تعالى أثار من الماء دخانا ، فعلاه على الماء فكان له سماء ، ثم يبس الماء فصار للدخان الذي سما عليه أرضا ولم يدحها ، ولم يقدّر فيها أقواتها ، ولم يخرج منها ماءها ومرعاها ، حتى استوى إلى السماء التي هي الدخان الثائر من الماء العالي عليه فسوّاهن سبع سماوات ، ثم دحا الارض التي كانت ماء فيبّسه ففتقه فجعلها سبع أرضين ، «وَ قَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَ تَهَا» ، و «أَخْرَجَ مِنْهَامَآءَهَا وَ مَرْعَـلـهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَـلـهَا» كما قال عز و جل ، فيكون كلّ الذي روي عن ابن عبّاس في ذلك على ما رويناه صحيحا معناه . وأمّا يوم الاثنين فقد ذكرنا اختلاف العلماء فيما خلق فيه ، وما روى في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه و آله قبل . وأمّا ما خلق في يوم الثلاثاء والأربعاء فقد ذكرنا أيضا بعض ما روى فيه ، ونذكر في هذا الموضع بعض ما لم نذكر منه قبل ، فالذي صحّ عندنا أنه خلق فيهما ما حدّثني به موسى بن هارون. ۱
1.تاريخ الطبرى¨ ، ج ۱، ص ۳۵.