شرح نهج البلاغه(ما سلم من شرح الوبري لنهج البلاغة) - صفحه 64

وقوله: بها امتنع منها.
قال: لأَنّ الدَّليلَ لمّا دلَّ على اللّهِ بصفاتِ ذاتِه ، فقد دلّ على أَنّه لا يُشبِه المَرْئِيّاتِ ، فلذلك قال: تَجَلّى لها بها، وبها امتَنَعَ منها، على الوجهين اللّذين ذكرناهما في نفسِ العقولِ وما يعلم بها من الأَشياءِ المخصوصةِ ، أَي الأَجسام وبعض الأَعراض الدالّة على اللّهِ تعالى. ۱
قوله: وإِليها حاكمها.
قال: وقوعُ الشبهةِ للعقلاءِ إِذا وقعتْ لهم ، فالواجبُ عليهم أَن يَفْزَعُوا إِلى أَدِلَّةِ العُقولِ. فلمّا وَكَلهم اللّهُ تعالى إِلى ۲ ما ثَبَتَ في عقولِهم من الأَدلّةِ بتقريرِ اللّهِ تعالى فيها ، فكأنّه حاكَمَ العبادَ إِلى عقولِهم ؛ فيجب عليهم ۳ التَّحاكُمُ إِلى العقولِ ، فما قضت العقولُ على صحّتِه فهو الحقُّ ، وما حكمت بإبطالِه فهو الباطلُ.
والهاء في « تَجَلّى لها » وفي «بها» و «منها» عائدةٌ إِلى الأَذهانِ. والذِّهْنُ: قُوّةٌ من قُوى العقلِ ، وكثيراً ما تُطلَقُ الأَذهانُ على العقولِ. ۴
قوله: ليس بذي كِبَرٍ امْتَدَّت به النهاياتُ فَكَبَّرَتْه تَجسِيماً.
قال الوبريّ: هذا بناء على نفيِ التّجسيمِ ؛ لأَنّ النهايةَ إِنّما تَصِحُّ على الأَجسامِ ، فالجسميّةُ هي المُصَحِّحَةُ للكونِ في الجهاتِ ، فالجهاتُ إِنّما تكون مع التَّحَيُّزِ ، والكونُ فيها يستحيلُ مع ارتفاعِ التَّحَيُّزِ. ۵
قوله: والابتِداءَ أَزله.
قال الإِمام الوبريُّ: معناه: كلُّ مُمكِنٍ يجوزُ وجودُه ويجوزُ عدمُه مطلقاً من غير

1.معارج ، ص ۶۷۷.

2.في «د»: أي ، والتصويب من «خ».

3.زدنا كلمة «عليهم» من «خ» ، وقد سقطت من «د».

4.معارج ، ص ۶۷۸.

صفحه از 80