شرح نهج البلاغه(ما سلم من شرح الوبري لنهج البلاغة) - صفحه 68

«ما رَأيتُ فلاناً مُنذُ شهرٍ» ، فتُفيدُ انقطاعَ ذلك من غايةِ الشّهرِ. وإِذا كان كذلك فما من شيءٍ من الأَشياءِ ـ سوى اللّه تعالى ـ إِلاَّ ويجوزُ إِطلاقُ هذه الكلمةِ عليه ، فيقال: إِنّ كذا وُجِد مُنذُ شهرٍ ۱ ، أَو منذُ عامٍ ، أَو منذُ أَلفِ عامٍ ، إِلى ما زاد على ذلك. وإِذا صَحِبَتْها علامةُ الحدوثِ استحالت أَن تكونَ قديمةً . وإِذا استحال إِطلاقُ هذا اللفظِ على اللّهِ تعالى لكونِه قديماً ـ فلا يقال: كان اللّه منذُ كذا ـ دلّ على أَنَّه مخالفٌ للأَشياءِ. وقد روي عن أَمير المؤمنين عليّ أَنّه سئل: متى كان اللّه ؟ فأَجاب وقال: متى لم يكن؟! ۲
قوله: وَحَمَتْها «قد» الأَزلِيَّةَ.
قال: لأَنَّها أَداةٌ تفيدُ تحقيقَ المُضِيِّ ، إِمّا مُضِيّ الشّيءِ أَو مُضِيّ وقتِ حدوثِه ، وكلاهما دليلان على استحالةِ القِدَمِ فيها ، ولهذا لا يقال في اللّه : قد كان اللّهُ. ۳
وقوله: وجَنَّبَتْها «لولا» التَّكْمِلَةَ.
قال الإِمام الوبريُّ: إِنّ اللّهَ تعالى قضى أَن يكونَ خلقُه شاهداً ودليلاً وداعياً إِلى طلبِ الآخرةِ. ۴
قوله: إِذاً لَتَفاوَتَتْ ذاتُه، ولَتَجَزَّأَ كُنْهُه.
قال: لو جازت عليه الحركةُ والسُّكُون ـ وهو قديمٌ ـ لتفاوَتَت الذاتُ ؛ لتناقضِ الأَحكامِ ؛ لأَنّه تستحيلُ عليه الحركةُ لكونِه قديماً، ولو جازت عليه الحركةُ لكان محدثاً ، فهذا هو التفاوُتُ. ولو جاز زوالُه وفناؤُه لوجب أَن يكون القديمُ غيرَه ؛ إِذ لا بدّ من قديمٍ تنتهي إِليه الحوادِثُ.
فهذا معنى قوله: ولالْتَمَسَ التَّمامَ إِذ لَزِمَهُ النُّقصانُ.۵

1.في «د»: كذا شهراً ، والتصويب من «خ».

2.معارج ، ص ۶۹۶.

3.معارج ، ص ۶۹۷.

صفحه از 80