شرح نهج البلاغه(ما سلم من شرح الوبري لنهج البلاغة) - صفحه 78

فيها عقابٌ أَو لم يكن ؛ فإِنَّ حقَّ النِّعمةِ وحُكمَها مراعاةُ الشُّكْرِ وتَعظِيمُ حقِّ مُولِيها ، سواء أَعقَب الشُّكرُ في المستَأْنَفِ زِيادةً أَو لا. وإِذا كان هذا حكماً لازماً ، فمِن حقِّه أَن يَتبَعَ النِّعَم ولا يُضاعَ. فلذلك يجبُ علينا شُكرُ المُنعِم وتَعظِيمُه حقّاً لسالفِ إِحسانِه ، وإِن أَمنّا الضَّرَر من جِهَتِه عندَ التَّقصِير وأَيِسنا ۱ من إِفضالِه في المستقبلِ ، كذلك في حقِّ اللّه تعالى، إِلاّ أَنّ المشقّة في الشُّكر تُوجِب الثَّوابَ في المستقبلِ ، ولولا المَشَقَّةُ لكان حكمُه ما ذَكَرنا. ۲
قوله: ما أَخَذَ اللّهُ على أَهْلِ الجَهلِ أَن يَتَعَلَّمُوا حتّى أَخَذَ على أَهلِ العِلمِ أَن يُعَلِّمُوا.
قال الإِمام الوَبريّ: فريضةُ العلمِ تنقسِم إِلى عَقليّ وشَرعيّ ، وكلاهما يَنقسِم إِلى فرض عَينٍ وكِفايةٍ.
فأَمّا العقليُّ ، فلابدّ فيه من مُنَبِّهٍ على الأَدِلَّةِ. فكما وَجَبَ على الجاهِلِ أَن يعلَم بعقلِه ما يحتاجُ إِليه ، يجب أَيضاً على العُلماءِ أَن يُنَبِّهُوا بِأَلسِنَتِهم وتَصانِيفِهم، ولذلك كَثُر في هذه الاُمَّةِ من العُلماءِ في هذا الجنسِ الدّرسُ والتَّصانِيفُ وصُنُوف المُذكِّراتِ وغيرُ ذلك.
وأَمّا المسمُوعاتُ ففيه فَرضُ عينٍ وكفايةٍ، وكلا القسمَين في السَّمعِ يُحتاجُ فيها إِلى هادٍ ومُبَيِّنٍ وواصفٍ للمذاهبِ ودِلالاتِها، وعلمُ الشَّرعِ لا طَرِيقَ له إِلاّ السمع.
فالمُفِيدُ في العقليّاتِ أَن يكون مُنَبِّهاً لا مُعَلِّماً، ويجوز أَن يُقال في مفيدِ العقليّات: «عَلَّمه كذا» إِذا وصفَ المَعلُوم والدَّليلَ، فأَمّا الواصِف للشَّرع وأَدِلّتِه فإِنّه يقال: عَلَّمَه كذا وعَرَّفَه كذا وهَداهُ. فهذه الأَسماءُ حَقِيقةٌ فيه.
ومن قال حكماً باجتهادٍ ، فقولهُ دليلٌ وهدايةٌ وبيانٌ وتَعرِيفٌ.
وأَمّا المُعَلِّم على الإِطلاقِ ، فَيُقالُ لِمَن حِرفَتُه تَعليِم الصِّبيانِ ، والمُؤَدِّب لمن

1.في «د»: واَمِنّا ، والتصويب من «خ».

2.معارج ، ص ۸۶۸.

صفحه از 80